ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي "، ثم رمى بالألواح وأخذ بلحية أخيه ورأسه يجره إليه فقال: " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعني أفعصيت أمري؟ " فقال هارون - كما حكى الله -:
" يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي.
فقال له بنو إسرائيل: " ما أخلفنا موعدك بملكنا " قال: " ما خالفناك " ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم " يعني من حليهم " فقذفناها " قال: التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه. ثم أخرج السامري العجل وله خوار فقال له موسى:
" ما خطبك يا سامري؟ " قال السامري: " بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول " يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر " فنبذتها " أي أمسكتها وكذلك سولت لي نفسي " أي زينت.
فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر، ثم قال موسى للسامري:
" إذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس " يعنى ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة: أن تقول: لا مساس حتى يعرفوا أنكم سامرية فلا يغتر بكم الناس فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس، ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله إليه:
لا تقتله يا موسى فإنه سخي، فقال له موسى: انظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا، إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما ".
أقول: ظاهر هذا الذي نقلناه أن قوله: " والسبب في ذلك " الخ، ليس ذيلا للرواية التي في أول الكلام قال بالعجل الذي عبدوه " بل هو من كلام القمي اقتبسه من أخبار آخرين كما هو دأبه في أغلب ما أورده في تفسيره من أسباب نزول الآيات وعلى ذلك شواهد في خلال القصة التي ذكرها، نعم قوله في أثناء القصة: " قال ما خالفناك " رواية وكذا قوله: " قال التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه " رواية، وكذا قوله: " ثم هم موسى " الخ، مضمون رواية مروية عن الصادق عليه السلام.