تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٩٤
" لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي أنه أخذ بلحيته ورأسه غضبا ليضربه كما أخبر به في موضع آخر: " وأخذ برأس أخيه يجره إليه " الأعراف: 150.
وقوله: " إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي " تعليل لمحذوف يدل عليه اللفظ ومحصله لو كنت مانعتهم عن عبادة العجل وقاومتهم بالغة ما بلغت لم يطعني إلا بعض القوم وأدى ذلك إلى تفرقهم فرقتين: مؤمن مطيع، ومشرك عاص، وكان في ذلك إفساد حال القوم بتبديل اتحادهم واتفاقهم الظاهر تفرقا واختلافا وربما انجر إلى قتال وقد كنت أمرتني بالاصلاح إذ قلت لي: " أصلح ولا تتبع سبيل المفسدين " فخشيت أن تقول حين رجعت وشاهدت ما فيه القوم من التفرق والتحزب:
فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي. هذا ما اعتذر به هارون وقد عذره موسى ودعا له ولنفسه كما في سورة الأعراف بقوله: " رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين " الأعراف: 151.
قوله تعالى: " قال فما خطبك يا سامري " رجوع منه عليه السلام بعد الفراغ من تكليم أخيه إلى تكليم السامري وهو أحد المسؤولين الثلاثة وهو الذي أضل القوم.
والخطب: الامر الخطير الذي يهمك، يقول: ما هذا الامر العظيم الذي جئت به؟
قوله تعالى: " قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي " قال الراغب في المفردات: البصر يقال للجارحة الناظرة نحو قوله: " كلمح البصر " " وإذ زاغت الابصار " وللقوة التي فيها، ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر نحو قوله: " فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " وقال:
" ما زاغ البصر وما طغى " وجمع البصر أبصار وجمع البصيرة بصائر، قال تعالى:
" فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم " ولا يكاد يقال للجارحة: بصيرة، ويقال من الأول: أبصرت، ومن الثاني: أبصرته وبصرت به، وقلما يقال في الحاسة بصرت إذا لم تضامه رؤية القلب. انتهى.
وقوله: " فقبضت قبضة " قيل: إن القبضة مصدر بمعنى اسم المفعول وأورد عليه أن المصدر إذا استعمل كذلك لم تلحق به التاء، يقال: هذه حلة نسج اليمن،
(١٩٤)
مفاتيح البحث: سورة الأعراف (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست