تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٠١
الآية في هذه الأمة وهو المعنى المتعين.
وفي تفسير القمي، وقوله: " فإنا قد فتنا قومك من بعدك " قال اختبرناهم بعدك " وأضلهم السامري " قال: بالعجل الذي عبدوه.
وكان سبب ذلك أن موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك وذهب إلى الميقات وخلف أخاه على قومه فلما جاء الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون وقالوا: إن موسى كذب وهرب منا، فجاءهم إبليس في صورة رجل فقال: لهم إن موسى قد هرب منكم ولا يرجع إليكم أبدا فاجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه.
وكان السامري على مقدمة قوم موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه فنظر إلى جبرئيل وكان على حيوان في صورة رمكة (1) وكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل وكان يتحرك فصره في صرة فكان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاءهم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري: هات التراب الذي معك، فجاء به السامري فألقاه في جوف العجل فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر فسجد له بنو إسرائيل وكان عدد الذين سجدوا له سبعين ألفا من بني إسرائيل فقال لهم هارون كما حكى الله: " يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمان فاتبعوني وأطيعوا أمري، قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " فهموا بهارون فهرب منهم وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة. فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله علم الألواح فيها التوراة وما يحتاج إليه من أحكام السير والقصص فأوحى الله إلى موسى أنا فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري وعبدوا العجل وله خوار، فقال: يا رب العجل من السامري فالخوار ممن فقال: مني يا موسى، إني لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة.
" فرجع موسى كما حكى الله - إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم

(1) الرمكة: الفرس تتخذ للنسل.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست