ولا يقال نسجة اليمن، فالمتعين حمله في الآية على أنه مفعول مطلق. ورد بأن الممنوع لحوق التاء الدالة على التحديد والمرة لا على مجرد التأنيث كما هنا، وفيه أن كون التاء هنا للتأنيث لا دليل عليه فهو مصادرة.
وقوله: " من أثر الرسول " الأثر شكل قدم المارة على الطريق بعد المرور، والأصل في معناه ما بقي من الشئ بعده بوجه بحيث يدل عليه كالبناء أثر الباني والمصنوع أثر الصانع والعلم أثر العالم وهكذا، ومن هذا القبيل أثر الاقدام على الأرض من المارة.
والرسول هو الذي يحمل رسالة وقد أطلق في القرآن على الرسول البشري الذي يحمل رسالة الله تعالى إلى الناس وأطلق بهذه اللفظة على جبريل ملك الوحي، قال تعالى: " إنه لقول رسول كريم " التكوير: 19، وكذا أطلق لجمع من الملائكة الرسل كقوله: " بلى ورسلنا لديهم يكتبون " الزخرف: 80، وقال أيضا في الملائكة:
" جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة " فاطر 1.
والآية تتضمن جواب السامري عما سأله موسى عليه السلام بقوله: " فما خطبك يا سامري " وهو سؤال عن حقيقة ذاك الامر العظيم الذي أتى به وما حمله على ذلك، والسياق يشهد على أن قوله: " وكذلك سولت لي نفسي " جوابه عن السبب الذي دعاه إليه وحمله عليه وأن تسويل نفسه هو الباعث له إلى فعل ما فعل وأما بيان حقيقة ما صنع فهو الذي يشير إليه بقوله: " بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول " ولا نجد في كلامه تعالى في هذه القصة ولا فيما يرتبط بها في الجملة ما يوضح المراد منه ولذا اختلفوا في تفسيره.
ففسره الجمهور وفاقا لبعض الروايات الواردة في القصة أن السامري رأى جبريل وقد نزل على موسى للوحي أو رآه وقد نزل راكبا على فرس من الجنة قدام فرعون وجنوده حين دخلوا البحر فاغرقوا فأخذ قبضة من تراب أثر قدمه أو أثر حافر فرسه ومن خاصة هذا التراب أنه لا يلقى على شئ إلا حلت فيه الحياة ودخلت فيه الروح فحفظ التراب حتى إذا صنع العجل ألقى فيه من التراب فحي وتحرك وخار.
فالمراد بقوله: " بصرت بما لم يبصروا به " إبصاره جبريل حين نزل راجلا أو