بيان الآيات متصلة بما قبلها تسير مسيرها في تعقيب بيان أن هذه الأسباب الظاهرية وزخارف الدنيا الغارة زينة الحياة سيسرع إليها الزوال ويتبين للانسان أنها لا تملك له نفعا ولا ضرا وإنما يبقى للانسان أو عليه عمله فيجازى به.
وقد ذكرت الآيات أولا قيام الساعة ومجئ الانسان فردا ليس معه إلا عمله ثم تذكر إبليس وإباءه عن السجدة لادم وفسقه عن أمر ربه وهم يتخذونه وذريته أولياء من دون الله وهم لهم عدو ثم تذكر يوم القيامة وإحضارهم وشركاءهم وظهور انقطاع الرابطة بينهم وتعقب ذلك آيات اخر في الوعد والوعيد، والجميع بحسب الغرض متصل بما تقدم.
قوله تعالى: " يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " الظرف متعلق بمقدر والتقدير " واذكر يوم نسير " وتسيير الجبال بزوالها عن مستقرها وقد عبر سبحانه عنه بتعبيرات مختلفة كقوله: " وكانت الجبال كثيبا مهيلا:
المزمل: 14 وقوله: " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " القارعة: 5 وقوله:
" فكانت هباء منبثا " الواقعة: " 6، وقوله: " وسيرت الجبال فكانت سرابا " النبا: 20.
والمستفاد من السياق أن بروز الأرض مترتب على تسيير الجبال فإذا زالت الجبال والتلال ترى الأرض بارزه لا تغيب ناحية منها عن أخرى بحائل حاجز ولا يستتر صقع منها عن صقع بساتر، وربما احتمل أن تشير إلى ما في قوله: " وأشرقت الأرض بنور ربها " الزمر: 69.
وقوله: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " أي لم نترك منهم أحدا فالحشر عام للجميع.
قوله تعالى وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة الخ السياق يشهد على أن ضمير الجمع في قوله: " عرضوا " وكذا ضميرا الجمع في الآية السابقة