منهم ان يكفر فليكفر فليس بنفعنا إيمانهم ولا يضرنا كفرهم بل ما في ذلك من نفع أو ضرر وثواب أو تبعة عذاب عائد إليهم أنفسهم فليختاروا ما شاؤوا فقد اعتدنا للظالمين كذا وكذا وللصالحين من المؤمنين كذا.
ومن هنا يظهر ان قوله: " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " من كلامه تعالى يخاطب به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وليس داخلا في مقول القول فلا يعبأ بما ذكر بعضهم ان الجملة من تمام القول المأمور به.
ويظهر أيضا ان قول: " إنا اعتدنا للظالمين نارا " الخ في مقام التعليل لتخييرهم بين الايمان والكفر الذي هو تخيير صوره وتهديد معنى، والمعنى أنا إنما نهيناك عن الأسف وأمرناك ان تكتفي بالتبليغ فقط وتقنع بقولك: " الحق من ربكم " فحسب ولم نتوسل إلى إصرار والحاح لأنا هيأنا لهم تبعات هذه الدعوة ردا وقبولا وكفى بما هيأناه محرضا ورادعا ولا حاجة إلى أزيد من ذلك وعليهم ان يختاروا لأنفسهم أي المنزلتين شاؤوا.
قوله تعالى: " إنا اعتدنا للظالمين نارا " إلى آخر الآية، قال في المجمع: السرادق الفسطاط المحيط بما فيه، ويقال السرادق: ثوب يدار حول الفسطاط، وقال: المهل خثارة الزيت، وقيل: هو النحاس الذائب، وقال المرتفق المتكأ من المرفق يقال:
ارتفق إذا اتكأ على مرفقه انتهى والشئ النضج يقال: شوى يشوي شيئا إذا نضج.
وفي تبديل الكفر من الظلم في قوله: " إنا اعتدنا للظالمين " دون ان يقول: للكافرين دلالة على أن التبعة المذكورة إنما هي للظالمين بما هم ظالمون: وقد عرفهم في قوله:
" الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون " الأعراف: 45 والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع اجر من أحسن عملا " بيان لجزاء المؤمنين على إيمانهم وعملهم الصالح وإنما قال: " إنا لا نضيع " الخ ولم يقل:
واعتدنا لهؤلاء كذا وكذا ليكون دالا على العناية بهم والشكر لهم.
وقوله: " إنا لا نضيع " الخ في موضع خبر إن وهو في الحقيقة من وضع السبب