تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ٢٩٧
صومعة أو نحوهما، وأقرب ما هناك كنيسة على مسافة ثلاث كيلو مترات تقريبا ولا جهة تربطها بالكهف أصلا.
على أنه ليس هناك شئ من رقيم أو كتابة أو أمر آخر يشهد ولو بعض الشهادة على كون بعض هاتيك القبور وهي مآت هي قبور أصحاب الكهف أو انهم لبثوا هناك صفه من الدهر راقدين ثم بعثهم الله ثم توفاهم.
الكهف الثاني: كهف رجيب وهذا الكهف واقع على مسافة ثمانية كيلو مترات من مدينه عمان عاصمة الأردن بالقرب من قرية تسمى رجيب والكهف في جبل محفورا على الصخرة في السفح الجنوبي منه، واطرافه من الجانبين الشرقي والغربي مفتوحة يقع عليه شعاع الشمس منها، وباب الكهف يقابل جهة الجنوب وفي داخل الكهف صفة صغيرة تقرب من ثلاثة أمتار في مترين ونصف على جانب من سطح الكهف المعادل لثلاثة في ثلاثة تقريبا وفى الغار عدة قبور على هيئة النواويس البيزنطية كأنها ثمانية أو سبعة.
وعلى الجدران نقوش وخطوط باليوناني القديم والثمودي منمحية لا تقرء وأيضا صورة كلب مصبوغة بالحمرة وزخارف وتزويقات أخرى.
وفوق الغار آثار صومعة بيزنطيه تدل النقود والآثار الأخرى المكتشفة فيها على كونها مبنية في زمان الملك جوستينوس الأول 418 - 427 وآثار أخرى على أن الصومعة بدلت ثانيا بعد استيلاء المسلمين على الأرض مسجدا اسلاميا مشتملا على المحراب و المأذنة والميضاة وفي الساحة المقابلة لباب الكهف آثار مسجد آخر بناه المسلمون في صدر الاسلام ثم عمروها وشيدوها مرة بعد مرة، وهو مبني على أنقاض كنيسة بيزنطية كما أن المسجد الذي فوق الكهف كذلك.
وكان هذا الكهف - على الرغم من اهتمام الناس بشأنه وعنايتهم بأمره كما يكشف عنه الآثار - متروكا منسيا وبمرور الزمان خربة ورد ما متهدما حتى اهتمت دائرة الآثار الأردنية أخيرا (1) بالحفر والتنقيب فيه فاكتشفته فظهر ثانيا بعد خفائه قرونا،

(١) وقد وقع هذا الحفر والاكتشاف سنة ١٩٦٣ م المطابقة ١٣٤٢ ه‍ ش والف في ذلك متصديه.
الأثري الفاضل " رفيق وفا الدجاني " كتابا سماه " اكتشاف كهف أهل الكهف " نشره سنة ١٩٦٤ م يفصل القول فيه في مساعي الدائرة وما عاناه في البحنث والتنقيب، ويصف فيه خصوصيات حصل عليها في هذا الكهف، والآثار التي اكتشفت مما يؤيد كون هذا الكهف هو كهف أصحاب الكهف الذي ورد ذكره في الكتاب العزيز، ويذكر انطباق الامارات المذكورة فيه وسائر العلائم التي وجدت هناك على هذا الكهف دون كهف افسوس والذي في دمشق أو البتراء أو اسكاندنافيه.
وقد استقرب فيه ان الطاغية الذي هرب سنه أصحاب الكهف فدخلوا الكهف هو " طراجان الملك ٩٨ - ١١٧ م " لادقيوس الملك ٢٤٩ - ٢٥١ م الذي ذكره المسيحيون وبعض المسلمين ولا دقيانوس الملك ٢٨٥ - ٣٠٥ الذي ذكره بعض اخر من المسلمين في رواياتهم.
واستدل عليه بأن الملك الصالح الذي بعث الله أصحاب الكهف في زمانه هو ثئودوسيوس الملك ٤٠٨ - ٤٥٠ باجماع مؤرخي المسيحيين والمسلمين وإذا طرحنا زمان الفترة الذي ذكره القرآن لنوم أهل الكهف وهي ٣٠٩ سنين من متوسط حكم هذا الملك الصالح وهو ٤٢١ بقي ١١٢ سنة وصادف زمان حكم طراجان الملك وقد أصدر طراجان في هذه السنة مرسوما يقضي ان كل عيسوي يرفض عبادة الالهة يحاكم كخائن للدولة ويعرض للموت.
وبهذا الوجه يندفع اعتراض بعض مؤرخي المسيحيين كجيبون في كتاب " انحطاط وسقوط الإمبراطورية الرومية " على زمان لبث الفتية ٣٠٩ سنين المذكورة في القرآن بأنه لا يوافق ما ضبطه وأثبته التاريخ انهم بعثوا في زمن حكم الملك الصالح ثئودسيوس ٤٠٨ - ٤٥١ م وقد دخلوا الكهف في زمن حكم دقيوس ٢٤٩ - ٢٥١ م والفصل بين الحكمين مائتا سنة أو أقل وهذا منه شكر الله سعيه استدلال وجيه بيد انه يتوجه عليه أمور:
منها: طرحه ٣٠٩ سنين المذكورة في القرآن وهي سنون قمرية على الظاهر وكان ينبغي ان يعتبرها ٣٠٠ سنة لتكون شمسية فيطرحها من ٤٣٠ متوسط سني حكم الملك الصالح.
ومنها: انه ذكر اجماع المؤرخين من المسلمين والمسيحيين على ظهور امر الفتية في زمن حكم ثئودوسيوس ولا اجماع هناك مع سكوت أكثر رواياتهم عن تسمية هذا الملك الصالح ولم يذكره باسمه الا قليل منهم ولعلهم اخذوا ذلك من مؤرخي المسيحيين ولعل ذلك حدس منهم عما ينسب إلى جيمس الساروغي ٤٥٢ - ٥٢١ م انه ذكر القصة في كتاب له الفه سنة ٤٧٤ فطبقوا الملك على ثئودوسيوس على أن مثل هذا الاجماع اجماعهم المركب على أن طاغيتهم اما دقيوس أو دقيانوس فإنه ينفي على اي حال كونه هو " طراجان ".
ومنها: انه ذكر ان الصومعة التي على الكهف تدل البينات الأثرية على كونها مبنية في زنم جستينوس الأول ٥١٨ - ٥٢٧ م ولازم ذلك أن يكون بناؤها بعد مائة سنة تقريبا من ظهور امر الفتية، وظاهر الكتاب العزيز ان بناءها مقارن لزمان اعثار الناس عليهم، وعلى هذا ينبغي ان يعتقد ان بنائها بناء مجدد ما هو بالبناء الاولي عند ظهور أمرهم.
وبعد هذا كله فالمشخصات التي وردت في القرآن الكريم للكهف أوضح انطباقا على كهف الرجيب من غيره.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 5
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 72
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 72
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 72
5 3 - الروايات 73
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 74
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 160
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 187
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 194
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 194
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 194
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 230
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 232
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 233
15 سورة الكهف 235
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 290
17 (9 - 26) 1 - الروايات 290
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 292
19 3 - القصة عند غير المسلمين 294
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 295
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 350
22 قصة موسى والخضر في القرآن 350
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 378
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 378
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 379
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 381
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 396