الملك وركب معه الناس حتى انتهى إلى الكهف فقال الفتي: دعوني أدخل إلى أصحابي فلما أبصروه وأبصرهم ضرب على آذانهم فلما استبطؤوه دخل الملك ودخل الناس معه فإذا أجساد لا يبلى منها شئ غير أنها لا أرواح فيها فقال الملك: هذه آية بعثها الله لكم.
فغزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة فمروا بالكهف فإذا فيه عظام فقال رجل:
هذه عظام أهل الكهف فقال ابن عباس ذهبت عظامهم أكثر من ثلاثمائة سنه الحديث.
وتزيد هذه الرواية إشكالا أن قوله: ذهبت عظامهم " الخ " يؤدي إلى وقوع القصة في أوائل التاريخ الميلادى أو قبله فتخالف حينئذ عامة الروايات إلا ما تقول إنهم كانوا قبل المسيح.
ومنها ما في قوله: " فقال بعضهم: يوما وقال بعضهم: يومين الخ والذي وقع في القرآن قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم وهو المعقول الموافق للاعتبار من قوم ناموا ثم انتبهوا وتكلموا في مده لبثهم أخذا بشواهد الحال وأما احتمال اليومين وأزيد فمما لا سبيل إليه ولا شاهد يشهد عليه عادة على أن اختلافهم في تشخيص مده اللبث لم يكن من الاختلاف المذموم الذي هو الاختلاف في العمل في شئ حتى يؤدي إلى الهلاك فينهى عنه وإنما هو اختلاف في النظر ولا مناص.
ومنها ما في آخرها أنه دخل فلم يدروا أين ذهب؟ وعمى عليهم " الخ " كأن المراد به ما في بعض الروايات أن باب الكهف غاب عن أنظارهم بأن مسحه الله وعفاه، ولا يلائم ذلك ما في صدر الرواية أنه كان ظاهرا معروفا في تلك الديار فهل مسحه الله لذلك الملك وأصحابه ثم أظهره للناس؟ وما في صدر الرواية من قول ابن عباس " إن الرقيم لوح من رصاص مكتوب فيه أسماؤهم " روى ما في معناه العياشي في تفسيره عن أحمد بن علي عن أبي عبد الله عليه السلام وقد روي في روايات أخرى عن ابن عباس إنكاره كما في الدر المنثور عن سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه وابن مردويه عن ابن عباس قال: لا أدري ما الرقيم؟ وسألت كعبا فقال: اسم القرية التي خرجوا منها.