فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبى طالب فقالوا: يا أبا طالب إن أبن أخيك يزعم أن خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق وإن لم يخبرنا علمنا أنه كاذب فقال أبو طالب: سلوه عما بدا لكم فسألوه عن الثلاث المسائل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غدا أخبركم ولم يستثن، فاحتبس الوحي عنه أربعين يوما حتى اغتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشك أصحابه الذين كانوا آمنوا به، وفرحت قريش واستهزؤا وآذوا، وحزن أبو طالب.
فلما كان بعد أربعين يوما نزل عليه سورة الكهف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا جبرئيل لقد أبطأت فقال: أنا لا نقدر أن ننزل إلا بإذن الله فأنزل الله تعالى: أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ثم قص قصتهم فقال:
إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهئ لنا من أمرنا رشدا.
قال: فقال الصادق عليه السلام: إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات، وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام فمن لم يجبه قتله، وكان هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عز وجل، ووكل الملك بباب المدينة ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للأصنام فخرجوا هؤلاء بعلة الصيد وذلك أنهم مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم.
قال عليه السلام: فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك فلما أمسوا دخلوا إلى ذلك الكهف والكلب معهم فألقى الله عليهم النعاس كما قال الله: " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل المدينة وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون.
ثم انتبهوا فقال بعضهم لبعض: كم نمنا ههنا؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا: نمنا يوما أو بعض يوم ثم قالوا لواحد منهم: خذ هذه الورق وادخل المدينة متنكرا لا يعرفونك فاشتر لنا طعاما فإنهم إن علموا بنا وعرفونا قتلونا أو ردونا في دينهم.
فجاء ذلك الرجل فرأى مدينة بخلاف التي عهدها ورأى قوما بخلاف أولئك لم