لكونها تنبت في أصل الجحيم، وتارة بأنها جعلت ملعونة لان طلعها يشبه رؤس الشياطين والشياطين ملعونون وتارة بان العرب تسمي كل غذاء مكروه ضار ملعونا.
أما ما ذكروه في معنى الرؤيا فما قيل: ان الرؤيا مصدر مرادف للرؤية أو انها بمعنى الرؤية ليلا يرده عدم الثبوت لغة ولم يستندوا في ذلك إلى شئ من كلامهم من نظم أو نثر الا إلى مجرد الدعوى.
وأما قولهم: ان ذلك مشاكلة لتسمية المشركين الاسراء رؤيا أو جري على زعمهم أنه رؤيا فيجب تنزيه كلامه سبحانه من ذلك البتة فما هي القرينة الدالة على هذه العناية وأنه ليس فيه اعتراف بكونها رؤيا حقيقة؟ ولم يطلق تعالى على أصنامهم " آلهة " و " شركاء " وانما أطلق " آلهتهم " و " شركائهم " فأضافها إليهم والإضافة نعمت القرينة على عدم التسليم، ونظير الكلام جار في اعتذارهم بأنه من تشبيه الاسراء بالرؤيا فالاستعارة كسائر المجازات لا تصح الا مع قرينة، ولو كانت هناك قرينة لم يستدل كل من قال بكون الاسراء مناميا بوقوع لفظة الرؤيا في الآية بناء على كون الآية ناظرة إلى الاسراء.
وأما قول القائل: ان الاسراء كان في المنام فقد اتضح بطلانه في أول السورة في تفسير آية الاسراء.
وأما المعاذير التي ذكروها تفصيا عن جعل الشجرة ملعونة في القرآن فقولهم: إن حقيقة لعنها لعن طاعميها على طريق المجاز في الاسناد للمبالغة في لعنهم فهو وإن كان كثير النظير في محاورات العامة لكنه مما يجب أن ينزه عنه ساحة كلامه تعالى وإنما هو من دأب جهلة الناس وسفلتهم تراهم إذا أرادوا أن يسبوا أحدا لعنوه بلعن أبيه وامه وعشيرته مبالغه في سبه، وإذا شتموا رجلا أساؤا ذكر زوجته وبنته وسبوا السماء التي تظله والأرض التي تقله والدار التي يسكنها والقوم الذين يعاشرهم وأدب القرآن يمنعه ان يبالغ في لعن أصحاب النار بلعن الشجرة التي يعذبهم الله بأكل ثمارها.
وقولهم: " إن اللعن مطلق الابعاد مما لم يثبت لغة والذي ذكروه ويشهد به ما ورد من استعماله في القرآن أن معناه الابعاد من الرحمة والكرامة وما قيل: إنها كما قال الله " شجرة تنبت في أصل الجحيم " فهي في أبعد مكان من الرحمة إن أريدت بالرحمة الجنة