تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٩٧
على ما هم عليه من الكفر ويتمنون الاسلام لله والايمان بكتابه يوم لا سبيل لهم إلى تحصيل ذلك.
فقوله ربما يود المراد به ودادة التمني لا مطلق الودادة والحب والدليل على ذلك قوله في بيان هذه المودة لو كانوا مسلمين فان لفظي لو وكانوا تدلان على إن ودادتهم ودادة تمن وإنهم يتمنون الاسلام بالنسبة إلى ماضي حالهم مما فاتهم ولن يعود إليهم فليس الا الاسلام ما داموا في الدنيا.
فالآية تدل على إن الذين كفروا سيندمون على كفرهم ويتمنون أن لو كانوا مسلمين بعد انطواء بساط الحياة الدنيا.
قوله تعالى ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون الالهاء الصرف والاشغال يقال ألهاه كذا عن كذا أي شغله عنه وأنساه ذكره.
وقوله ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل أمر برفع اليد عنهم وتركهم وما هم فيه من الباطل وهو كناية عن النهى عن الجدال معهم والاحتجاج عليهم لاثبات هذه الحقيقة وهى انهم سوف يودون الاسلام ويتمنونه ولا سبيل لهم إلى تحصيله وتدارك ما فات منه وقوله فسوف يعلمون في موضع التعليل للامر أي ذرهم ولا تجادلهم ولا تحاجهم فلا حاجة إلى ذلك لانهم سوف يعلمون ذلك فان الحق ظاهر لا محالة.
وفي الآية تعريض لهم انهم لا غاية لهم في حياتهم الا الاكل والتمتع بلذات المادة والتلهي بالآمال والأماني فلا منطق لهم الا منطق الانعام والحيوان العجم فمن الحري أن يتركوا وما هم فيه ولا يلقى إليهم الحجج الحقة المبنية على أساس العقل السليم والمنطق الانساني.
قوله تعالى: " وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم إلى آخر الآيتين تثبيت وتوكيد لقوله في الآية السابقة فسوف يعلمون على ما يعطيه السياق والمعنى دعهم فإنهم لا يسلمون في هذه الحياة الدنيا وإنما يودون الاسلام بعد حلول أجلهم ونزول الهلاك بهم والناس ليسوا بذوي خيرة في ذلك بل لكل أمة كتاب معلوم عند الله مكتوب فيه اجلهم لا يقدرون ان يستقدموه ولا يستأخروه ساعة.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست