تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٦
وعلى هذا فالمراد باتيان اليقين حلول الاجل ونزول الموت الذي يتبدل به الغيب من الشهادة ويعود به الخبر عيانا ويؤيد ذلك تفريع ما تقدم من قوله فاصفح الصفح الجميل على قوله وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما الا بالحق وان الساعة لآتية فإنه بالحقيقة أمر بالعفو والصبر على ما يقولون لان لهم يوما ينتقم الله منهم ويجازيهم باعمالهم فيكون معنى الآية دم على العبودية واصبر على الطاعة وعن المعصية وعلى مر ما يقولون حتى يدركك الموت وينزل عليك عالم اليقين فتشاهد ما يفعل الله بهم ربك.
وفي التعبير بمثل قوله حتى يأتيك اليقين اشعار أيضا بذلك فان العناية فيه بان اليقين طالب له وسيدركه فليعبد ربه حتى يدركه ويصل إليه وهذا هو عالم الآخرة الذي هو عالم اليقين العام بما وراء الحجاب دون الاعتقاد اليقيني الذي ربما يحصل بالنظر أو بالعبادة.
وبذلك يظهر فساد ما ربما قيل إن الآية تدل على ارتفاع التكليف بحصول اليقين وذلك لان المخاطب به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد دلت آيات كثيرة من كتاب الله انه من الموقنين وانه على بصيرة وانه على بينة من ربه وانه معصوم وانه مهدى بهداية الله سبحانه إلى غير ذلك مضافا إلى ما قدمناه من دلالة الآية على كون المراد باليقين هو الموت.
وسنفرد لدوام التكليف بحثا عقليا بعد الفراغ عن البحث الروائي إن شاء الله تعالى (بحث روائي) في الدر المنثور اخرج ابن مردويه وابن النجار عن علي بن أبي طالب: في قوله فاصفح الصفح الجميل قال الرضا بغير عتاب وفي المجمع حكى عن علي بن أبي طالب عليه السلام: ان الصفح الجميل هو العفو من غير عتاب وفي العيون باسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا عليه السلام: في
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست