تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٧٩
وفيه: ما في الوجه السابق على أنه تحكم من غير دليل.
ومن قائل: إنه كلام مستأنف. وقد تقدم ذكره.
ومن قائل: أنه متصل بما سبقه، والمعنى: أخلصوا لله في حياتكم فإنكم تبعثون على ما متم عليه: المؤمن على إيمانه، والكافر على كفره.
وفيه: أنه مبني على كون المراد بالبدء هو مجموع الحياة الدنيا في قبال الحياة الآخرة ثم تشبيه بالعود وهو الحياة الآخرة بآخر الحياة الأولى المسماة بعثا، والآية - كما تقدم - بمعزل عن الدلالة على هذا المعنى.
قوله تعالى: " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " إلى آخر الآية. قال الراغب: السرف تجاوز الحد في كل فعل يفعله الانسان، وإن كان ذلك في الانفاق أشهر، انتهى.
أخذ الزينة عند كل مسجد هو التزين الجميل عند الحضور في المسجد، وهو إنما يكون بالطبع للصلاة والطواف وسائر ذكر الله فيرجع المعنى إلى الامر بالتزين الجميل للصلاة ونحوها، ويشمل بإطلاقه صلوات الأعياد والجماعات اليومية وسائر وجوه العبادة والذكر.
وقوله: " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا " الخ، أمران إباحيان ونهي تحريمي معلل بقوله: " إنه لا يحب المسرفين " والجميع مأخوذة من قصة الجنة كما مرت الإشارة إليه، وهي كما تقدم خطابات عامة لا تختص بشرع دون شرع ولا بصنف من أصناف الناس دون صنف.
ومن هنا يعلم فساد ما ذكره بعضهم: أن قوله: " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " الخ يدل على بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جميع البشر، وأن الخطاب يشمل النساء بالتبع للرجال شرعا لا لغة (انتهى). نعم تدل الآية على أن هناك أحكاما عامة لجميع البشر برسالة واحدة أو أكثر، وأما شمول الحكم للنساء فبالتغليب في الخطاب والقرينة العقلية قائمة.
قوله تعالى: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق "
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست