تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٦٨
أصحاب النار هم فيها خالدون 36 -.
(بيان) التدبر في هذه الخطابات وما تقدم عليها من قصة السجدة والجنة ثم عرض ذلك جميعا على ما ورد من القصة والمخاطبة في غير هذه السورة وخاصة سورة طه المكية التي هي كإجمال هذه السورة المفصلة وسورة البقرة المدنية يهدينا إلى أن هذه الخطابات العامة المصدرة بقوله: يا بني آدم، يا بني آدم هي تعميم الخطابات الخاصة التي وجهت إلى آدم كما أن القصة عممت نحوا من التعميم في هذه السورة، وقد أشرنا إليه فيما تقدم.
وهذه الخطابات الأربعة المصدرة بقوله: يا بني آدم ثلاثة منها راجعة إلى التحذير من فتنة الشيطان وإلى الأكل والشرب واللباس تعميم ما في قوله تعالى في سورة طه:
" يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى " الآيات طه: 119، والرابعة تعميم قوله فيها: " فإما يأتينكم مني هدى " الخ، طه: 123.
ويعلم من انتزاع هذه الخطابات من قصته وتعميمها بعد التخصيص ثم تفريع أحكام أخرى عليها ذيلت بها الخطابات المذكورة أن هذه الأحكام المشرعة المذكورة هيهنا على الاجمال أحكام مشرعة في جميع الشرائع الإلهية من غير استثناء كما يعلم أن ما قدر للانسان من سعادة وشقاوة وسائر المقدرات الانسانية كالاحكام العامة جميعها تنتهي إلى تلك القصة فهي الأصل تفرعت عليه هذه الفروع، والفهرس الذي يشير إلى التفاصيل.
قوله تعالى: " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا " اللباس كل ما يصلح للبس وستر البدن وغيره، وأصله مصدر يقال: لبس يلبس لبسا - بالكسر والفتح - ولباسا، والريش ما فيه الجمال مأخوذ من ريش الطائر لما فيه من أنواع الجمال والزينة، وربما يطلق على أثاث البيت ومتاعه.
وكأن المراد من انزال اللباس والريش عليهم خلقه لهم كما في قوله تعالى: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع " الحديد: 25، وقوله: " وأنزل لكم من الانعام ثمانية
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست