من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين - 101. وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين - 102.
(بيان) الآيات متصلة بما قبلها وهي تلخص القول في قصص الأمم الغابرة فتذكر أن أكثرهم كانوا فاسقين خارجين عن زي العبودية لم يفوا بالعهد الإلهي والميثاق الذي أخذ منهم لأول يوم، وتبين أن ذلك كان هو السبب في وقوعهم في مجرى سنن خاصة إلهية يتبع بعضها بعضا، وهي أن الله سبحانه كان كلما أرسل إليهم نبيا من أنبيائه يمتحنهم ويختبرهم بالبأساء والضراء فكانوا يعرضون عن آيات الله التي كانت تدعوهم إلى الرجوع إلى الله والتضرع والإنابة إليه، ولا ينتبهون بهاتيك المنبهات، وهذه سنة.
وإذا لم ينفع ذلك بدلت هذه السنة بسنة أخرى، وهي الطبع على قلوبهم بتقسيتها وصرفها عن الحق وتعليقها بالشهوات المادية وزينات الحياة الدنيا وزخارفها، وهذه سنة المكر.
ثم تتبعها سنة ثالثة وهي الاستدراج، وهي بتبديل السيئة حسنة، والنقمة نعمة والبأساء والضراء، سراء وفي ذلك تقريبهم يوما فيوما وساعة فساعة إلى العذاب الإلهي حتى يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون به لانهم كانوا يرون أنفسهم في مهد الامن والسلام فرحين بما عندهم من العلم، وما في اختيارهم من الوسائل الكافية على زعمهم في دفع ما يهددهم بهلاك أو يؤذنهم بالزوال.
وقد أشار الله سبحانه في خلال هذه الآيات إلى حقيقة ناصعة هي المدار الذي يدور عليه أساس نزول النعم والنقم على العالم الانساني حيث يقول: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء " الآية.
وتوضيحها أن العالم بما فيه من الاجزاء متعلق الابعاض مرتبط الأطراف يتصل بعضها