تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٨٢
من سهولها - والسهل خلاف الجبل سمي به لسهولة قطعه - قصورا وهى الدور التي لها سور على ما قيل، وينحتون الجبال بيوتا يأوون إليها ويسكنونها.
ثم جمع الجميع ولخصها في قوله: " فاذكروا آلاء الله " وأورده في صورة التفريع مع أنه إجمال للتفصيل الذي قبله بإيهام المغايرة كأنه لما أمر بذكر النعم وعد من تفاصيل النعم أشياء كأنهم لا يعلمون بها قيل ثانيا: فإذا كان لله فيكم آلاء ونعم عظيمه أمثال التي ذكرت فاذكروا آلاء الله.
وأما قوله: " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " فمعطوف على قوله: " فاذكروا " عطف اللازم على ملزومه، وفسر العثي بالفساد وفسر بالاضطراب والمبالغة. قال الراغب في المفردات: العيث والعثي يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا أن العيث أكثر ما يقال في الفساد الذي يدرك حسا، والعثي فيما يدرك حكما يقال: عثي يعثي عثيا وعلى هذا: " ولا تعثوا في الأرض مفسدين ". انتهى.
قوله تعالى: " قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم " إلى آخر الآيتين، دل سبحانه ببيان قوله: " للذين استضعفوا " بقوله: " لمن آمن منهم " على أن المستضعفين هم المؤمنون وأن المؤمنين إنما كانوا من المستضعفين ولم يكن ليؤمن به أحد من المستكبرين والباقي ظاهر.
قوله: " فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم " إلى آخر الآية عقر النخلة قطعها من أصلها، وعقر الناقة نحرها، وعقر الناقة أيضا قطع قوائمها، والعتو هو التمرد والامتناع وضمن في الآية معنى الاستكبار بدليل تعديته بعن، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين " إلى آخر الآيتين.
الرجفة هي الاضطراب والاهتزاز الشديد كما في زلزلة الأرض وتلاطم البحر، والجثوم في الانسان والطير كالبروك في البعير.
وقد ذكر الله هنا في سبب هلاكهم أنه أخذتهم الرجفة، وقال في موضع آخر:
" وأخذ الذين ظلموا الصيحة " هود: 67، وفي موضع آخر: " فأخذتهم صاعقة العذاب الهون " حم السجدة: 17، والصواعق السماوية لا تخلو عن صيحة هائلة تقارنها ولا ينفك ذلك غالبا عن رجفة الأرض هي نتيجة الاهتزاز الجوي الشديد إلى الأرض
(١٨٢)
مفاتيح البحث: السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست