تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
قول العبد مخلصا: لا إله إلا الله. أقول: وهو من لطائف كلامه عليه السلام أخذه من قوله تعالى: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ".
ووجهه أن العبد إذا نفى عن غيره تعالى الألوهية بإخلاص الألوهية والاستقلال له تعالى أوجب ذلك نسيان غيره، والتوجه إلى مقام استناد كل شئ إليه تعالى، وهذا هو مقام العرش على ما مر بيانه.
ونظيره في اللطافة قوله عليه السلام قد سئل عن بعد ما بين الأرض والسماء: مد البصر ودعوة المظلوم.
في الفقيه و المجالس العلل للصدوق: روي عن الصادق عليه السلام أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة؟ قال: لأنها مربعة فقيل له: ولم صارت مربعة؟ قال: لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع. فقيل له: ولم صار البيت المعمور مربعا؟ قال: لأنه بحذاء العرش وهو مربع، فقيل له: ولم صار العرش مربعا؟ قال: لان الكلمات التي بني عليها الاسلام أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. الحديث.
أقول: وهذه الكلمات الأربع أولاها: تتضمن التنزيه والتقديس والثانية التشبيه والثناء، والثالثة التوحيد الجامع بين التنزيه والتشبيه، والرابعة: التوحيد الأعظم المختص بالاسلام، وهو أن الله سبحانه أكبر من أن يوصف فإن الوصف تقييد وتحديد وهو تعالى أجل من أن يحده حد ويقيده قيد وقد تقدم نبذه من الكلام فيه في تفسير قوله تعالى: " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة " الآية.
وبالجملة يرجع المعنى إلى تفسيره بالعلم على ما مر والروايات المختلفة في هذا المعنى كثيرة كما ورد أن آية الكرسي وآخر البقرة وسورة محمد من كنوز العرش وما ورد أن ص نهر يخرج من ساق العرش، وما ورد أن الأفق المبين قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم.
وفي تفسير القمي عن عبد الرحيم الأقصر عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن " ن والقلم " قال: إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها: الخلد، ثم قال لنهر في الجنة: كن مدادا فجمد النهر، وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد. ثم قال للقلم: اكتب. قال: يا رب ما أكتب؟ قال: اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست