تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ١٧٠
فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد، ولا ينطق أبدا فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها (الحديث). وسيجئ تمامه في سورة ن إن شاء الله تعالى.
أقول: وفي معناها روايات أخر، وفي بعضها لما استزاد الراوي بيانا وأصر عليه قال عليه السلام: القلم ملك واللوح ملك، فبين بذلك أن ما وصفه تمثيل من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس لتفهيم الغرض.
وفي كتاب روضة الواعظين عن الصادق عن أبيه عن جده عليه السلام قال: في العرش تمثال ما خلق الله في البر والبحر. قال: وهذا تأويل قوله: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ".
أقول: أي وجود صور الأشياء وتماثيلها في العرش هو الحقيقة التي يبتنى عليها بيان الآية، وقد تقدم توضيح معنى وجود صور الأشياء في العرش، وفي معنى هذه الرواية ما ورد في تفسير دعاء " يا من أظهر الجميل ".
وفيه أيضا عن الصادق عن أبيه عن جده عليه السلام في حديث: وإن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسير ألف عام، والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله، والأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة.
أقول: والجملة الأخيرة مما نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طرق الشيعة وأهل السنة، والذي ذكره عليه السلام بناء على ما تقدم تمثيل، ونظائره كثيرة في رواياتهم عليهم السلام.
ومن الدليل عليه إن ما وصف في الرواية من عظم العرش بأي حساب فرض يوجد من الدوائر التي ترسمها الأشعة النورية ما هي أعظم منه بكثير فليس التوصيف إلا لتقريب المعقول من الحس.
وفي العلل عن علل محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام: علة الطواف بالبيت أن الله تبارك وتعالى قال للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أ تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، فردوا على الله تبارك وتعالى هذا الجواب فعلموا أنهم أذنبوا فندموا فلاذوا بالعرش واستغفروا فأحب الله عز وجل أن يتعبد بمثل ذلك العباد فوضع في السماء
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست