وصفة الإرادة هما واحد ويمكن أن يكون المراد بالمشية أصلها وبصفة الإرادة خصوصيتها.
وقوله: " وعلم الألفاظ والحركات والترك " علم الألفاظ هو العلم بكيفية انتشاء دلالة الألفاظ بارتباطها إلى الخارج بحسب الطبع فإن الدلالة الوضعية تنتهي بالآخرة إلى الطبع، وعلم الحركات والترك، العلم بالاعمال والتروك من حيث ارتباطها إلى الذوات ويمكن أن يكون المراد بمجموع قوله: " علم الألفاظ وعلم الحركات والترك " العلم بكيفية انتشاء اعتبارات الأوامر والنواهي من الافعال والتروك، وانتشاء اللغات من حقائقها المنتهية إلى منشأ واحد، والترك هو السكون النسبي في مقابل الحركات.
وقوله: " لان علم الكيفوفية فيه " الضمير للعرش، وقوله: " وفيه الظاهر من أبواب البداء " الضمير للكرسي، والبداء ظهور سبب على سبب آخر وإبطاله أثره، وينطبق على جميع الأسباب المتغائرة الكونية من حيث تأثيرها.
وقوله عليه السلام: " فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف " المراد به على ما يؤيده البيان السابق أن العرش والكرسي جاران متناسبان بل حقيقة واحدة مختلفة بحسب مرتبتي الاجمال والتفصيل: وإنما نسب إلى أحدهما أنه حمل الآخر بحسب صرف الكلام وضرب المثل، وبالأمثال تبين المعارف الدقيقة الغامضة للعلماء.
وقوله: " وليستدلوا على صدق دعواهما " أي دعوى العرش والكرسي أي وجعل هذا المثل ذريعة لان يستدل العلماء بذلك على صدق المعارف الحقة الملقاة إليهم في كيفية انتشاء التدبير الجاري في العالم من مقامي الاجمال والتفصيل والباطن والظاهر، فافهم ذلك.
في التوحيد بإسناده عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى " وكان عرشه على الماء " الآية، فقال: ما يقولون؟ قيل: إن العرش كان على الماء والرب فوقه! فقال:
كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوقين، ولزمه أن الشئ الذي يحمله هو أقوى منه. قال: إن الله حمل دينه وعلمه الماء قبل أن تكون سماء أو أرض أو جن أو إنس أو شمس أو قمر.
أقول: وهو كسابقه في الدلالة على أن العرش هو العلم، والماء أصل الخلقة وكان العلم الفعلي متعلقا به قبل ظهور التفاصيل.
وفي الاحتجاج عن علي عليه السلام: أنه سئل عن بعد ما بين الأرض والعرش. فقال: