الطريق إذا كان الصراط الذي يسلكونه والمسير الذي يضربونه فيه لا اختلاف فيه بالهداية والاضلال والحق والباطل والسعادة والشقاوة بل هو مؤتلف الاجزاء ومتساوي الأحوال يقوم على الحق ويؤدى إلى الحق لا يدع صاحبه في حيرة، ولا يورده إلى ظلم وشقاء ومعصية قال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون) (الانعام 82).
قوله تعالى: (ذلك هدى الله يهدى به من يشاء من عباده) إلى آخر الآية.
تعالى أن الذي ذكره من صفة الهداية التي هدى بها المذكورين من أنبيائه هو المعرف لهداه الخاص به الذي يهدى به من يشاء من عباده فالهدى إنما يكون هدى - حق الهدى - إذا كان من الله سبحانه، والهدى إنما يكون هدى الله إذا أورد المتلبس به صراطا مستقيما اتفق على الورود فيه أصحاب الهدى وهم الأنبياء المكرمون عليهم السلام واتفق أجزاء ذلك الصراط في الدعوة إلى كلمة التوحيد وإقامة دعوة الحق والاتسام بسمة العبودية والتقوى.
أما الطريق الذي يفرق فيه بين رسل الله فيؤمن فيه ببعض ويكفر ببعض أو يفرق فيه بين أحكام الله وشرائعه فيؤخذ فيه ببعض ويترك بعض، والطرق التي لا تضمن سعادة حياة المجتمع الانساني أو يسوق إلى بعض ما ليس فيه السعادة الانسانية فتلك هي الطرق التي لا مرضاة فيها لله سبحانه وقد انحرفت فيها عن شريعة الفطرة إلى مهابط الضلال ومزالق الأهواء، والاهتداء إليها ليس اهتداء بهدى الله سبحانه.
قال تعالى: (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا) (النساء: 151) وقال: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب) (البقرة: 85) وقال: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين) (القصص: 50) يريد أن الطريق الذي فيه اتباع الهوى إنما هو ضلال لا يورد سالكه سعادة الحياة وليس بهدى الله لان فيه ظلما والله سبحانه لم يجعل الظلم ولن يجعله مما يتوسل به إلى سعادة ولا أن السعادة تنال بظلم.