تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٤
وبالجملة الملاك في أمر هذا التفضيل هو التلبس بتلك الهداية الإلهية التي لا واسطة فيها، والأنبياء فضلوا على غيرهم بسبب التلبس بها فلو فرض تلبس من غيرهم بهذه الهداية كالملائكة كما ربما يظهر من كلامه تعالى وكالأئمة على ما تقدم في البحث عن قوله تعالى : (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) (البقرة: 124) في الجزء الأول من الكتاب فلا يفضل عليهم الأنبياء عليه السلام من هذه الحيثية وإن أمكن أن يفضلوا عليهم من جهة أخرى غير جهة الهداية.
ومن هنا يظهر: أن استدلال بعضهم بالآية على أن الأنبياء أفضل من الملائكة ليس في محله.
ويظهر أيضا أن المراد بالتفضيل إنما هو التفضيل من حيث الهداية الإلهية الخاصة التي أخذتهم من غير توسط أحد، وأما كونهم أهل الاجتباء وأهل الصراط المستقيم وأهل الكتاب والحكم والنبوة فأمر خارج عن مصب التفضيل المذكور في هذه الآية.
واعلم أن الذي وقع في الآيات الثلاث من ذكر من عدده الله تعالى من الأنبياء بأسمائهم - وهم سبعة عشر نبيا - لم يراع فيه الترتيب الذي بينهم لا بحسب الزمان وهو ظاهر، ولا بحسب الرتبة والفضيلة فإن فيهم نوحا وموسى وعيسى عليه السلام، وهم أفضل من باقي المذكورين بنص الكتاب كما تقدم في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب وقد قدم عليهم غيرهم في الذكر.
وقد ذكر صاحب المنار في وجه الترتيب المأخوذ في الآيات الثلاث بين الأنبياء المسمين فيها - وهم أربعة عشر نبيا - ما ملخصه: أنه تعالى جعلهم ثلاثة أقسام لمعان في ذلك جامعة بين كل قسم منهم.
فالقسم الأول: داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون، والمعنى الجامع بينهم أن الله تعالى آتاهم الملك والامارة والحكم والسيادة مع النبوة والرسالة، وقد قدم ذكر داود وسليمان وكانا ملكين غنيين منعمين، وذكر بعدهما أيوب ويوسف، وكان أيوب أميرا غنيا عظيما محسنا، وكان يوسف وزيرا عظيما وحاكما متصرفا، وقد ابتليا بالضراء فصبرا وبالسراء فشكرا، وبعد ذلك موسى وهارون وكانا حاكمين في قومهما ولم يكونا ملكين.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346