فهى التي تتعلق بها الهداية، وسعادتهم في الدنيا إنما هي أن يعيشوا على سنة الدين والسيرة العامة الاسلامية في مجتمعهم.
وإذا انهدمت بنية هذه السيرة اختلت مظاهرها الحافظة لمعناها من الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، وسقطت شعائره العامة، وحلت محلها سيرة الكفار ولم يزل تستحكم أركانها وتستثبت قواعدها، وهذا هو الذي عليه مجتمع المسلمين اليوم.
ولو تدبرت في السيرة الاسلامية العامة التي ينظمها الكتاب والسنة ويقررانها بين المسلمين ثم في هذه السيرة الفاسدة التي حملت اليوم على المسلمين ثم تدبرت في ما يشير إليه بقوله:
" فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم " (المائدة: 54) وجدت أن جميع الرذائل التي تحيط بمجتمعنا معاشر المسلمين وتحكم فينا اليوم - مما اقتبسناها من الكفار ثم نمت ونسلت فينا - إنما هي أضداد ما ذكره الله في وصف من وعد بالاتيان به في الآية أعني أن جميع رذائلنا الفعلية تتلخص في أن المجتمع اليوم لا يحبون الله ولا يحبهم الله، أذلة على الكافرين، أعزة على المؤمنين، لا يجاهدون في سبيل الله، يخافون كل لومة.
وهذا هو الذي تفرسه القرآن في وجه القوم، وإن شئت فقل: هو النبأ الغيبي الذي نبأ به العليم الخبير أن المجتمع الاسلامي سيرتد عن دينه، وليست ردة مصطلحة وإنما هي ردة تنزيلية يبينها قوله تعالى: " ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين " (المائدة: 51) وقوله: " ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون " (المائدة: 81).
وقد وعدهم الله النصر إن نصروه، وتضعيف أعدائهم إن لم يقووهم ويؤيدوهم فقال:
" إن تنصروا الله ينصركم " (محمد: 7) وقال: " ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس " (آل عمران: 112) وليس من البعيد أن يستفاد من قوله: " إلا بحبل من الله وحبل من الناس " أن لهم أن يخرجوا من الذلة والمسكنة بموالاة الناس لهم وتسليط الله تعالى إياهم على الناس.
ثم وعد الله سبحانه المجتمع الاسلامي - وشأنهم هذا الشأن - بالاتيان بقوم يحبهم