حمار إلى جانبه فقال لي: يا أبا عبد الله قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة، وفتح لنا من العز، ولا تخبر الناس أنك أحق بهذا الامر منا وأهل بيتك فتغرينا بك وبهم.
قال: فقلت: ومن رفع هذا إليك عنى فقد كذب فقال لي: أتحلف على ما تقول؟
قال: فقلت: إن الناس سحرة يعنى يحبون ان يفسدوا قلبك على فلا تمكنهم من سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا، فقال لي: تذكر يوم سألتك: هل لنا ملك؟ فقلت: نعم طويل عريض شديد فلا تزالون في مهلة من أمركم، وفسحة من دنياكم حتى تصيبوا منادما حراما في شهر حرام في بلد حرام؟ فعرفت أنه قد حفظ الحديث فقلت: لعل الله عز وجل ان يكفيك فإني لم أخصك بهذا وإنما هو حديث رويته، ثم لعل غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك، فسكت عنى.
فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال، جعلت فداك والله لقد رأيتك في موكب أبى جعفر، وأنت على حمار وهو على فرس، وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته فقلت بيني وبين نفسي: هذا حجة الله على الخلق، وصاحب هذا الامر الذي يقتدى به، وهذا الاخر يعمل بالجور، ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله، وهو في موكبه وأنت على حمار! فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي.
قال عليه السلام: فقلت: لو رأيت من كان حولي وبين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه فقال: الان سكن قلبى.
ثم قال: إلى متى هؤلاء يملكون أو متى الراحة منهم؟ فقلت: أليس تعلم أن لكل شئ مدة؟ قال: بلى، فقلت: هل ينفعك علمك أن هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟ انك لو تعلم حالهم عند الله عز وجل، وكيف هي كنت لهم أشد بغضا ولو جهدت وجهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشد ما هم فيه من الاثم لم يقدروا، فلا يستفزنك الشيطان فان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون، ألا تعلم أن من انتظر أمرنا، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف هو غدا في زمرتنا؟ فإذا رأيت الحق قد مات وذهب أهله ورأيت الجور قد شمل البلاد، ورأيت القرآن قد خلق واحدث فيه ما ليس فيه ووجه على الأهواء، ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الاناء (1) ورأيت أهل