فلا موجب لتخصيص الكلام ببعضها.
وقوله " وكان الله سميعا عليما " في مقام التأكيد للنهي المستفاد من قوله " لا يحب الله الجهر " أي لا ينبغي الجهر بالسوء من القول من غير المظلوم فإن الله سميع يسمع القول عليم يعلم به.
قوله تعالى: " إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا " (الآية) لا تخلو عن ارتباط بما قبلها فإنها تشمل إظهار الخير من القول شكرا لنعمة أنعمها منعم على الانسان، وتشمل العفو عن السوء والظلم فلا يجهر على الظالم بالسوء من القول.
فإبداء الخير إظهاره سواء كان فعلا كإظهار الانفاق على مستحقه وكذا كل معروف لما فيه من إعلاء كلمة الدين وتشويق الناس إلى المعروف، أو كان قولا كإظهار الشكر على المنعم وذكره بجميل القول لما فيه من حسن التقدير وتشويق أهل النعمة. وإخفاء الخير منصرفه إخفاء فعل المعروف ليكون أبعد من الرئاء وأقرب إلى الخلوص كما قال: إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم " (البقرة - 271).
والعفو عن السوء هو الستر عليه قولا بأن لا يذكر ظالمه بظلمه، ولا يذهب بماء وجهه عند الناس، ولا يجهر عليه بالسوء من القول، وفعلا بأن لا يواجهه بما يقابل ما أساء به، ولا ينتقم عنه فيما يجوز له ذلك كما قال تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله " (البقرة - 194).
وقوله " فإن الله كان عفوا قديرا " سبب أقيم مقام المسبب والتقدير: إن تعفوا عن سوء فقد اتصفتم بصفة من صفات الله الكمالية - وهو العفو على قدرة - فإن الله ذو عفو على قدرته، فالجزاء جزاء بالنسبة إلى بعض الشروط، وأما إبداء الخير وإخفاؤه أي إيتاؤه على أي حال فهو أيضا من صفاته تعالى بما أنه الله تعالى، ويمكن أن يلوح إليه الكلام.
(بحث روائي) في المجمع قال: لا يجب الله الشتم في الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلم مما يجوز الانتصار في الدين. قال: وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.