أي لا معبود الا أنت ويلزمه ان لا واجب بل لا موجود حقيقيا الا أنت بيان ذلك ان لكل موجود حتى الأمور التي تستحفرها نصيبا من المعبودية لكونه محتاجا إليه في النظام الكلى فللمحتاج تذلل له ولذلك كثير من الأشياء اتخذت أصناما كالشمس والقمر والنجوم والنار والماء وأمثالها حتى الكلب والخنزير جسمانية كانت أو غيرها نحو كلب الغضب وخنزير الشهوة قال تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وقال ألم أعهد إليكم يا بنى ادم ان لا تعبدوا الشيطان بل بهذا الاعتبار لا شئ الا وقد تذلل له وعبد فعند طلوع نور الحقيقة واكتحال بصيرة القلب بنور وارد منه ينكشف ان لا معبود ولا متذلل إليه في الوجود الا هو وان جميع ما عداه من المجازات باطل مضمحل ما خلا وجهه الكريم فان كل موجود له جهتان جهة نورانية وهي وجه الله الباقي فأينما تولوا فثم وجه الله وجهة ظلمانية وهي حده وتعينه ومهيته وانها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جائه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه فالتذلل يقع له بجهته النورانية مثلا الشمس مبدء للخيرات التي لا تعد ولا تحصى باعتبار وجوده ووجوبه ونوريته وفعاليته ومرغوبيته لأجل هذه لا باعتبار مهيته وامكانه وظلمته الذاتية وانفعالاته المادية إذ ليس لمهيته ومادته الا المظهرية والمجلوية وايثار كلمة أنت التي للحضور لان هنا مقامات ففي مقام لا يرى الذاكر في نفسه ولا في غيره الا السرابية والفقر والفاقة والعبودية المحضة وان مهية العبد وما في يدها من الوجود وكمال الوجود لمولاها وح يقول يا هو يا من هو يا من لا اله الا هو وفى مقام يرى أن الحق حقيقة الوجود وهو الحاضر الشهيد على كل شئ وهو المحيط بكل الوجودات والمهيات وبه خرجت المهيات عن استواء الوجود والعدم وصارت واجبة بالغير أحدية الوجه وانه لم يكن المواد كالعناصر الا ظلمات وغواسقا وبالنور الحي العليم القدير المريد السميع البصير صارت متنورة حية عالمة قادرة اه بحيث ان مظاهر المهيات ومجالى المواد فانية تحت قاهرية صفاته وباهرية أسمائه بل أقهرية ذاته فناء المرأة تحت ظهور الصور المرئية فيها وح يقول لا إله إلا أنت بل لا أنت الا أنت ومن المأثورات عن المعصوم (ع) لا ارى الا وجهك ولا اسمع الا صوتك ومن هنا وقع الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في فاتحة الكتاب ايماء إلى أن القارئ ينبغي ان يكون حاله هكذا ولذا كان من أسمائها سورة تعليم المسألة اعلم أنه ينبغي ان ينظر
(٩٤)