شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ٢ - الصفحة ٨٣
السلطنة والتصرف بالامر والنهى في الجمهور وقد يقال يختص بسياسة الناطقين فيقال ملك الآدميين ولا يق ملك الأشياء وهذه العمومات انما هي لأجل ان نسبة الرحمن إلى الكل على السواء وان هذه الأفعال من حيث إنها أفعاله وصادرة من قلمه الاعلى ومكتوبة بيده المباركة في ألواح المهيات والمواد والأعيان الثابتات التي هي صور أسمائه الحسنى كلها خيرات كما أشار إليه باختتامها بقوله تعالى بيدك الخير ومن هنا قال أهل الكشف والعرفان ان القرب الذي حصل ليونس على نبينا وعليه السلام في بطن الحوت لم يحصل له قبل ذلك ولا بعده مثله حتى جعلوا التقام الحوت معراجا له (ع) ونقلوا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا تفضلوني على يونس بن متى فان معراجي إلى السماء ومعراجه إلى الماء وقد قالوا الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلايق ويرشدك إلى هذا ان كل صنعة وحرفة قد ورد من أئمة الدين فيها مدح فإيتاء الملك ونزعه مثلا بالإضافة إلينا بما نحن بشر أحد هما مفضل والاخر مفضل عليه واما هما من الجهة المقدسة التي أشرنا إليها فلا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وفى الحديث القدسي وان من عبادي من لا يصلحه الا الغنى لو صرفته إلى غير ذلك لهلك وان من عبادي من لا يصلحه الا الفقر لو صرفته إلى غير ذلك لهلك وفى الآثار ان جابر بن عبد الله الأنصاري الذي من أكابر الصحابة عاده في مرضه يوما محمد بن علي الباقر (ع) فسئله عن جاله فقال جابر أعيش والشيب أحب إلى من الشباب والمرض من الصحة والموت من الحياة فقال الباقر (ع) إما انا فان شيبني الله تعالى فالشيب أحب إلى وان شببني فالشباب أحب إلي وان أمرضني فالمرض أحب وان صححني فالصحة وان أماتني فالموت وان احياني فالحياة فقبل الجابر وجهه (ع) وقال صدق رسول الله صلى الله عليه وآله حيث اخبرني بأنك تلاقى من أولادي من يبقر العلم بقرا كما يبقر الثور الأرض ولهذا يسمى باقر علوم الأولين والآخرين فجابر (رض) كان في مقام الصبر وهو (ع) اخبره عن مقام الرضا وجه اخر ان يراد تؤتى الملك من تشاء على ما يشاء المؤتى له وهكذا وذلك بمقتضى عدله فإنه تعالى يعطى كلا ما يليق به وبحسب قابليته فمن رجل أعطاه من المال سعة وإن كانت بالتشويق مشفعة ومن رجل أعطاه سعادة الفقر والضعة ولكن مقرونة بالطمأنينة والدعة ومن رجل أعطاه الملك والسلطان ومن رجل خلعه بتشريف العلم والعرفان وما يطلب من الحديد لا يتأتى من الذهب وما يتمشى من عود الطيب لا يستتم
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»