الا انها مستكفية بذواتها ومقوم ذواتها غير ممنوعة عن كمالاتها ومثلها العقول بالفعل الحاصلة في سلسلة الصعود كعقول الأنبياء والأولياء وبالجملة عقول الكمل من الانسان من حيث إنها عقول كاملة من هذا القسم بل الأجسام السماوية من هذا القسم لعدم التضاد والتفاسد فيها وعدم جواز القسر عليها فلا شرية فيها بمعنى فقد الذات أو فقد كمال الذات وان اطلق الشرية عليها أو على غيرها فليس بالمعنى المتعارف وهو الذي ذكرنا بل بمعنى النقص والقصور الذاتيين لكل وجود معلول بالنسبة إلى علته واما الثاني فكالموجودات الكائنة التي يعرض لها في عالم التضاد والتزاحم ودار القسر فساد أو منع عن بلوغ الكمال فهذا أيضا ينبغي وجوده من ذلك المبدء الذي هو فاعل الخيرات لان ترك ايجاده لأجل شره القليل ترك لخير كثير وترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير فالنار مثلا كمالها الاحراق وفيها منافع جمة فان الأنواع الكثيرة لا يمكن وجودها حدوثا وبقاء بدونها وكمالاتها الأولوية والثانوية منوطة بها وقد يتفق انها تحرق ثوب سعيد فالعناية الإلهية لا يمكن ان يترك تلك الخيرات الكثيرة لأجل ذلك الشر القليل مع أنه لو قيس مقدار استضرار ذلك السعيد بالنار إلى مقدار انتفاعه طول عمره بها لم يكن بينهما نسبة يعتد بها فكيف إذا قيس إلى جميع المنتفعين بها ثم إن هذا الشر القليل مجعول بالعرض ومعنى قولهم إن الشر مجعول أو مقضى ومقدر بالعرض شيئان أحد هما ان الشر عدم فلا جعل يتعلق به بالذات كما أن اعدام الملكات مجعولة بالعرض لملكاتها والإنتزاعيات جعلها بمعنى جعل منشأ انتزاعها إذ ليس لانفسها ما يحاذيها حتى يستدعى جعلا بالذات وثانيهما ان النار التي هي موجود من الموجودات ويق انها شر فهى مجعولة بالعرض بما هي شر وشرير فان الجاعل جعلها بما هي خير ولأجل الانتفاع بها لا لأجل ان يحرق ثوب السعيد مثلا لكن كونها بحيث إذا ماست بدن حيوان تؤذيه لازم لوجودها ولكونها بحيث يترتب عليها كمالاتها وخيراتها اللايقة بها واللازم مستند إلى نفس الملزوم بالذات والى جاعل الملزوم بالعرض وإرادة الجاعل تعلقت بنفس الملزوم بالذات وهي بعينها تعلقت بشرورها اللازمة له بالعرض والمعنى الأول يناسب مذاق أفلاطون في دفع الشبهة والثاني مذاق أرسطو ثم إن المذكور من التقسيم الغير المخصص بالخير والشر الإضافيين هو المش في كتب القوم والسيد المحقق الداماد خصصه بالإضافيين فقال في القبسات فاذن قد استتب ان الشر في مهية عدم وجود أو عدم كمال بالموجود من حيث إن ذلك العدم غير لايق به في نفس الامر
(٨٩)