شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ٢ - الصفحة ٨٥
سعيد في بطن امه وكذا الشقى جسدا ومادة وإذا جعلنا بطن الام النشأة العلمية فكل مولود يولد على الفطرة وجودا والسعيد سعيد مهية ومفهوما وكذا الشقى شقى مهية ومفهوما كل منهما بالحمل الأولى ليس فاقدا لنفسه وليس مفهوم أحدهما هو المفهوم من الأخر فان المفاهيم في أية نشأة كانت فطرتها وذاتيها الاختلاف والوجود أية مرتبة منه ذاته وجبلته الوحدة والاتفاق ما به الامتياز فيه عين ما به الاشتراك به استمساك المهيات التي هي مثار الكثرة والمخالفة فهو جهة ارتباطها ونظمها وبه لا انفصام لها وبالجملة قد ظهر لك ان اختلاف الوجودات مرتبة في العين واختلاف قبول المهيات لمراتب الوجود المقول بالتشكيك فيه على طبق اختلاف المهيات بحسب المفهوم في العلم وهذا معنى اختلاف الطينة في الأزل كما هو من الأئمة (ع) مأثور وفي المثنوي المعنوي للمولوي مسطور وهو مقتضى العدل ويمكن التوفيق بين هذا القول التحقيقي البرهاني والذوقي الوجداني وبين القول بالتسوية في الطينة باعتبار الوجود والمهية ولا سيما في مقام الجمع ولصدر المتألهين محمد بن إبراهيم الشيرازي قدس الله روحه كلمات أنيقة وفقا لمذاق العرفاء الشامخين في بيان العدل وبيان الأكوان السابقة للمهيات واختلافها في القابليات لا بأس بذكرها تبيينا للمرام وإن كان دأبنا في هذا الشرح على الاختصار فقال (س) في مفاتيح الغيب ان الله عز وجل لا يولى أحدا الا ما تولاه طبعا وإرادة وهذا عدل منه ورحمة وقد ورد ان الله تعالى خلق كلهم في ظلمة ثم قال ليختر كل منكم لنفسه صورة اخلقه عليها وهو قوله خلقنا كم ثم صورناكم فمنهم من قال رب أخلقني خلقا قبيحا ابعد ما يكون في التناسب واوغله في التنافر حتى لا يكون مثلي في القبح والبعد عن الاعتدال أحد ومنهم من قال خلاف ذلك وكل منهما أحب لنفسه التفرد فان حب الفردانية فطرة الله السارية في كل الأمم التي تقوم بها وجود كل شئ فخلق الله كلا على ما اختاره لنفسه فتحت كل منكر معروف وقبل كل لعنة رحمة وهي الرحمة التي وسعت كل شئ فان الله يولى كلاما؟؟ تولى وهو قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا فان شك في ذلك شاك فليتل قوله تعالى انا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها الآية ليعلم ان الله تعالى لا يحمل أحدا شيئا قهرا وقسرا بل يعرضه أولا فان تولاه ولاه والا فلا وهذا من رحمة الله وعدله لا يق ليس تولى الشئ ما تولاه عدلا حيث لا يكون ذلك التولي عن رشد وبصيرة فان السفيه قد يختار لنفسه ما هو شر بالنسبة إليه وضر لجهله وسفاهته
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»