كنز لا ينفد عز من قنع ذل من طمع إلهي ان لم تبتدأني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي إليك في واضح الطريق التوفيق توجيه الأسباب نحو المطلوب الخير لما صار المقام مقام الانس بعد ذكر الفقرات السابقة سيما ما دل على الفواضل بالنسبة إلى الداعي كالارقاد والايقاظ والكف المذكورات أضاف الداعي إلهه إلى نفسه وهذه الإضافة تشريفية وفيها من الابتهاج والالتذاذ ما لا يخفى على المحبين وبمثل هذه الإضافة اسكر إبليس اللعين حيث قال تعالى وان عليك لعنتي إلى يوم الدين واسناد الابتداء إلى الرحمة اسناد مجازى من باب الاسناد إلى المفعول له وهو حصولي وكلمة من استفهامية مبتدأ خبره السالك والباء بعده للتعديه وواضح الطريق من إضافة الصفة إلى الموصوف والمراد بالرحمة رحمته التي وسعت كل شئ ونور وجهه الذي أضاء به كل شئ وفيئ وقد مر بعض نعوته والمقصود انه تعالى ولي التوفيق ومسبب الأسباب ولولا توفيقه وتسبيبه لم يمكننا معرفته والسلوك نحوه فله الحمد على توفيق الحمد وهو المبتدء بالنعم قبل استحقاقها وفيه إشارة إلى أن ما منه في هذا السلوك عين ما إليه وان فاتحة كتاب الكون عين الخاتمة أول الفكر اخر العمل وقد ثبت في مباحث الغايات التي هي أشرف اجزاء الحكمة ان العلة الغائية في كل فعل تعود إلى الفاعل بالآخرة إما في الفعل الكلى لفاعل الفواعل فلانه لا غرض اخر يعلل فعله سوى ذاته ولا يجوز الاستكمال على ذاته واما في فعل غيره فلان ذاته ناقصة فاعل وذاته كاملة غاية والناقص من شئ وكامله ليسا مباينين والا لم يكن الناقص ناقصا من ذلك الكامل ولا الكامل كاملا لذلك الناقص وأيضا الغاية مؤخرة عينا مقدمة ذهنا وهي علة فاعلية الفاعل والأشياء تحصل بأنفسها في الذهن فالريان يطلب الريان والشبعان ينبغي الشبعان وهكذا إذ ما لم يقم صورة الري مثلا بنفس طالب الري ولم يحط به خبرا لم يمكنه الطلب وما لم يكن للماء نحو وجود ووجدان ونشأة بروز في الأذهان لم يمكن طلب الماء قال ابن الفارض ولولا شذاها ما اهتديت لمالها؟؟
ولولا سناها ما تصورها الوهم وبالجملة من الأسباب الموجهة نحو المطلوب الذي هو خير محض معروفيته ومعروفية الشئ هي هو وكيف لا يكون من الأسباب بل رأسها وسنامها ومن (المملات)؟؟ ان طلب المجهول المطلق محال ومطلوبية الشئ على حسب معروفية ذاته وكمالات