وبحسب السهو والعمد فلا بد من تفصيل بان العصمة ما هي وفيمن هي وفى كم هي ومتى هي وعم هي ولم هي إما الأول فهى كيفية روحانية يمتنع بها صدور الخطا عن صاحبها لعلمه بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات فلا ينافى امكانه الذاتي واما الثاني فهى في الملائكة والأنبياء والأوصياء الاثني عشر والمتكلمون الذين قالوا إن الملائكة أجسام لطيفة يقدرون على أفعال شاقه يتشكلون باشكال مختلفة سوى الكلب والخنزير وفيهم دواعي الشهوة والغضب يجوزون عليهم الشهوة والغضب والمعصية فقد اختلفوا في عصمتهم والآيات الكثيرة الواردة في مدحهم مثل قوله تعالى عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون إلى قوله وهم من خشيته مشفقون وقوله تعالى يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون وقوله تعالى لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وكذا السنة دالة على عصمتهم وعمدة شبه المخالفين اثنتان أحدهما الاستثناء في قوله تعالى فسجدوا الا إبليس والجواب انه مبنى على التغليب أو الاستثناء منقطع وثانيتهما قصة هاروت وماروت المذكورة في القران وهي مأولة وعند الحكماء القائلين بتجردهم لا ريب في عصمتهم واما الأوصياء الاثني عشر فمن ضروريات مذهب الإمامية الاثني عشرية وجوب عصمتهم على الوجه الذي سيأتي واما الثالث فجميع الأمة متفقون على وجوب عصمة الأنبياء (ع) فيما يتعلق بالاعتقاد وانهم معصومون عن الكفر الا الخوارج خذلهم الله فان صدور الذنب عندهم كفر ويجوزون صدور الذنب عن الأنبياء (ع) واما الكفر من حيث الاعتقاد الباطل فالظاهر أنهم أيضا لم يقولوا به وأيضا لا خلاف بين الأمة في وجوب عصمتهم فيما يتعلق بالتبليغ وعدم جواز الخطاء فيه لا عمدا ولا سهوا والا لم يبق الاعتماد على شئ من الشرايع ولا خلاف أيضا بينهم في وجوب عصمتهم عن الخطاء فيما يتعلق بالفتوى عمدا وفى السهو خلاف ما نعم اختلاف الأمة كما أشرنا إليه في مقام رابع وهو ما يتعلق بأفعالهم وأحوالهم فجوز الحشوية تعمد الصغيرة والكبيرة عليهم واكثر المعتزلة تعمد الصغيرة بشرط ان لا تكون خسيسة كسرقة اللقمة وتطفيف الحبة والحنابلة صدور الذنب على سبيل الخطا في التأويل وجماعة صدور الذنب مطلقا لكن سهوا لا عمدا وانهم يعاقبون عليه لان علومهم أكمل فكان الواجب عليهم التحفظ والمراقبة وجمهور الأشاعرة صدور الصغيرة سهوا لا عمدا لا الكبيرة وامام الحرمين من الأشاعرة وأبو هاشم من المعتزلة صدور الصغيرة ولو عمدا والحق غير ذلك كله وهو مذهب
(٣٦)