قال تعالى ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ومكره ارداف النعم مع المخالفة وابقاء الحال مع سوء الأدب واظهار خوارق العادات التي من قبيل الاستدراجات سبحانك الخ يا دليل المتحيرين يا غياث المستغيثين يا صريخ المستصرخين في القاموس الصرفة الصيحة الشديدة وكغراب الصوت أو شديده وتصرخ تكلفه والصارخ المغيث والمستغيث ضد كالصريخ فيهما يا جار المستجيرين في القاموس الجار المجاور والذي اجرته من أن تظلم والمجير يا أمان الخائفين الخوف له مراتب ففي مقام خوف الموت قبل التوبة وخوف العقوبة وفى مقام خوف المكر أفآمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون وفى مقام خوف النقص عن درجة الأبرار إلى أن ينتهى إلى بيته القهر عند مبادى تجلى الذات وطمس رسم العبد واعلم أنه إذا وصل السالك إلى درجة الرضا يبدل خوفه بالأمن أولئك لهم الا من وهم مهتدون الا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وفى مقام الفناء المحض لا خوف ولا خشية ولا دهش ولا هيبة لان كلها اسام ورسوم لا بد من طمسها ومحقها فعند هذا هو تعالى أمان الخائفين ولا أمان في ما دونه إذ ما لم يصلوا إلى مقام الفناء لم يخلوا عن خوف أو خشية أو هيبة يا عون المؤمنين الايمان لغة التصديق وشرعا أيضا هو التصديق الا انه اختص بالتصديق بالله تعالى وبالنبي صلى الله عليه وآله وبما علم مجيئه به ضرورة وله مراتب أدناها الاقرار باللسان وأعلاها تنور في القلب ينكشف به حقيقة الأشياء على ما هي عليه فيرى ان الكل من الله والى الله واقتدار في الباطن يوصل به إلى مقام كن فيتحظون في المقامات ويعاينون في أنفسهم الكرامات فيصدقون على أتم وجه بالنبوات والولايات من دون اثبات المعجزات بالأسانيد والروايات كما قيل أخذتم علمكم ميتا عن ميت واخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت وهؤلاء هم المؤمنون حقا وفيهم ان المؤمن أعز من الكبريت الأحمر وهم أيضا على أصناف فمنهم السابقون المقربون ومنهم من دونهم بحسب تفاوت سيرهم وسلوكهم فان السير في الله لا نهاية له وإن كان السير إلى الله متناهيا ويرفع الله الذين امنوا والذين أوتوا العلم درجات وبعد المرتبة الأدنى من الايمان المرتبة الدنيا منه وهي التصديق الجازم التقليدي بما ذكر وفائدتها كالأولى حقن الدماء والأموال نعم إن كان مشفوعة بالعمل الصالح والقلب السليم يحشر صاحبه مع أصحاب اليمين ويثاب على حسب عمله وبعد هذه المرتبة الايمان البرهاني لأهل النظر فيستدلون بالآثار على المؤثر وبعده مرتبة الايمان بالغيب يعرفون الصانع تعالى من وراء حجاب ولها عرض وجميع هذه المراتب لأهل العلم إلى أن ينتهى إلى حد العين
(٧١)