شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٧٤
لان العوارض المشخصة بالحقيقة امارات التشخص إذ كما أن انضمام معدوم إلى معدوم لا يفيد الوجود كذلك انضمام كلي طبيعي أو عقلي أو منطقي إلى كلي لا يفيد التشخص فكما ان الانسان مثلا بذاته لا كلي ولا جزئي كك الكيف والكم والأين وغيرها فما لم يتحظ الوجود الحقيقي في البين لم يتأت التشخص في العين فهو تعالى عين الوجود الذي هو ملاك التشخص بلا مخالطة المهية التي هي مثار الابهام وأيضا المهية المصطلحة أمر معقول مقول في جواب ما هو وذاته تعالى غير معقولة فذاته عين الوجود الحقيقي فان الوجود العيني لا يعقل وإن كان في الممكن إذ ما يعقل من الممكن مهيته لا وجوده العيني والا لانقلب العيني بما هو عيني ذهنيا بما هو ذهني ولما كان وجود الممكن عارية ومهيته ذاته ولم يبق لنفسه الا هي قالوا الأشياء بأنفسها تحصل في الذهن وحقيقتها تعقل بالكنه ولو لم يكن متقومة من خلطين لم يمكن اكتناهها وأيضا الحق عند المحققين ان الوجود مجعول بالذات كيف واثر الجاعل لا بد وأن يكون أمرا حقيقيا هو الوجود لا أمرا اعتباريا هو المهية ولقد جرى الحق على لسان الفخر الرازي في هذا المقام حيث قال الحق ان مسألة عدم مجعولية المهية من متفرعات مسألة المهية من حيث هي ليست الا هي فكما انها بذاتها لا موجودة ولا معدومة كذلك لا مجعولة ولا لا مجعولة فلو كانت المهية بذاتها مجعولة كان حمل المجعولة عليها حملا أوليا ذاتيا وهو باطل قطعا والشئ إذا لم يكن مجعولا إما لأنه فوق الجعل كالأول تعالى واما لأنه دون الجعل كالممتنع والمهية من قبيل الثاني فهو تعالى لما كان ينبوع ماء الحياة الذي هو الوجود المنبسط على الظلمات التي هي المهيات كان وجودا حقا حقيقيا والا لكان مفيض الكمال فاقدا له وهو باطل بالضرورة خشك ابرى كه بود زاب تهى * نايد از وى صفت آب دهى ولا تغتر من كلامنا هذا ان نسبة الوجود المنبسط إلى الوجود الحق نسبة النداوة إلى البحر لان هذا توليد والإفاضة معناها ان يفاض الوجود بحيث لا ينقص من كمال المفيض شئ وإذا رجع إليه لا يزيد على كماله شئ وأيضا المهية كل محدود بحد جامع مانع فالمهيات حكايات عن حدود الوجودات ونقايصها ولهذا يعبر عنها عند قوم بالتعينات فإذا قلنا النبات جسم يتغذى وينمو ويولد فقط معناه ليس يتحرك بالإرادة ويحس وكذا في الحيوان جسم تام متحرك بالإرادة وحساس فقط معناه ليس بناطق بل وجوده وجود ينتزع منه هذه المفاهيم فقط وقس عليه الباقي وهذا المنع من الشمول من قصور الوجود والحق الاحد المحيط غير محدود تام وفوق التمام في الكمال فلا مهية له سوى الوجود ويستدل عليه في المشهور بان الوجود لو كان زايدا على مهيته عرضيا لكان معللا لان كل عرضي معلل إما بذات المعروض فيلزم تقدمها عليه بالوجود ويلزم إما تقدم الشئ على نفسه واما التسلسل واما بغير ذات المعروض
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»