قول الله عز وجل انما الصدقات للفقراء والمساكين قال الفقير لا يسئل الناس والمسكين اجهد منه والبائس أجهدهم ويمكن حمل الحديثين على ما لا ينافى ما ذكرنا من أسوئية حال الفقير بجعل اجهد من الجهد بمعنى الجد لا المشقة أو من الجهد بمعنى المشقة ولكن مشقة السؤال كما اكتفى في الحديث الثاني به عن السؤال ويرشد إليه تقديم الفقراء في أية الزكاة لكونهم أسوء حالا ولفضلهم باعتبار عدم السؤال كما قال تعالى للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف لا يسئلون الناس الحافا يا ملجاء العاصين يا غافر المذنبين يا مجيب دعوة المضطرين سبحانك الخ يا ذا الجود والاحسان يا ذا الفضل والامتنان في تعقيب هذا الاسم لما قبله ايماء إلى أن جوده واحسانه على الاطلاق بمحض التفضل منه والامتنان لم يسبقه مسألة ولا استحاق بل هو تعالى مبتدء بالنعم قبل استحقاقها داد حق را قابليت شرط نيست بكله شرط قابليت داد أو ست وذلك لان الفعل مقدم على القوة بجميع انحاء التقدم إذ لا قوة حيث لافعل فما لم يستفض الأشياء في العين بالفيض المقدس لم يحصل لها قوة كما انها ما لم تتقرر في العلم بالفيض الأقدس لم يثبت لها قابلية ولا لسان استعداد وسؤال ولا امتنان لأمر الحق المتعال فالقابليات وإن كانت للأشياء ذاتيات لكن ظهورها انما هو بنور منبع الفعليات يا ذا الامن والأمان يا ذا القدس والسبحان أي ذا التجرد والتنزه عن النقايص والمواد سواء كانت المادة بمعنى المحل المفتقر إلى الحال في الوجود أو التنوع كما في المادة بالنسبة إلى الصورة أو كانت المادة بمعنى المحل المستغنى فيها كما في المادة بمعنى الموضوع بالنسبة إلى العرض أو كانت المادة بمعنى المتعلق كما في البدن بالنسبة إلى النفس أو كانت المادة العقلية كالجنس إذا اخذ بشرط لا في البسايط الخارجية كالاعراض أو كالمادة التبعية لأن هذه معنى المادة العقلية في الاعراض وكالمهية بالنسبة إلى الوجود فإنها مادة عقلية له فهو تعالى مقدس عن المهية فضلا عن المواد فلا مهية له سوى الآنية بيان ذلك أنه لا يمكن للعقل تحليله إلى شئ بل هو وجود بحت وانية صرفة فان المهية أمر متساوي النسبة إلى الوجود والعدم وهو تعالى أمر يأبى عن العدم واجب الوجود وان أردت بالمهية أمرا اخر لم يكن الا الوجود أو العدم وأيضا المهية المصطلحة المقابلة للوجود هي الكلى الطبيعي المعروض للكلية والجزئية وبذاته لا كلي ولا جزئي كساير الأمور المسلوبة عنه في المرتبة وهو تعالى متشخص بذاته وعين التشخص الصرف وما يق من أن له تعالى مهية شخصية لا كلية فغير معقول لان التشخص مساوق للوجود بل عينه كما هو الحق
(٧٣)