ومنه ولى النعمة والمضاف في نعمتي محذوف كما لا يخفى ولم يذكر لان أحسن السجع ما تساوت قراينه كقوله تعالى في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود فيشتمل عليه كاشتمال الفقرات السابقة على الطباق من حيث الجمع بين الانس والوحشة والصحابة والغربة والجناس اللاحق كما في العدة والشدة وكذا في الفصول السابقة ويحتمل ان لا يكون النعمة بمعنى ما أنعم به بل بمعنى الخفض والدعه والمسرة فح لا يحتاج إلى الحذف يا غياثي عند كربتي أي مغيثي عند حزني يا دليلي عند حيرتي كالحيرة بين الجبر والتفويض والتردد بين الخوف والرجاء وكالحيرة بين التجلي والاستتار حيث إن وجود الحق في مكمن الخفا لم يظهر ولا يظهر ابدا والمهيات في مرتبة الاستواء لم يشم رايحة الوجود ولا يشم دائما فمن الظاهر في دار الوجود والحيرة بين الفنا وبقاء انيتك حيث لا وجود لعينك ولها الحكم وحكاية من ربط القرع على رجله لئلا يفقد نفسه في ازدحام الناس وفك غيره حين نومه وربطه على رجل نفسه معروفة يا غنائي عند افتقاري للفقر مراتب كترك الدنيا ضبطا وطلبا وتجريد النفس من التعلق بها والذهول عنها وعن تركها ذكرا وتصورا ووجودا وعدما وحسنا وقبحا إلى أن ينتهى إلى الطمس في نور الأحدية بالكلية حتى لا يرى حول وقوة لنفسه ولا حال ولا مقام ولا وجود ولا تذوت الا من فضل الله ويرجع إلى عدمه الأصلي بحكم السبق الأزلي ولذا قال العارفون بالله ان الفقير هو الذي يكون مع الله الان كما كان في الأزل وقيل الفقير لا يحتاج إلى شئ وذلك لان الاحتياج من لوازم الوجود والفقير لا وجود له فعند ذلك يصير غنيا ومن قواعد هم إذا جاوز الشئ حده انعكس ضده فإليه يؤمى قول الداعي يا غنائي عند افتقاري ومن أسمائه الحسنى في الفصول الآتية يا كنز الفقراء ولما كان الفقر الكلى الذي بإزاء الغنى الكلى مخصوصا بنبينا صلى الله عليه وآله كما قال (ص ع) لولا تمرد عيسى عن طاعة الله لكنت على دينه أي بان يكون طاعة الكل طاعته ويكون مظهرا لاسم الله الأعظم افتخر به صلى الله عليه وآله وقال الفقر فخري وكذا قوله (ع) الفقر سواد الوجه في الدارين إشارة إلى محو وجه النفس فان لكل شئ وجهين وجه إلى الله ووجه إلى النفس فالفقر محو وجه النفس للشيئ عن صفحة صحيفة الوجود وصحو وجهه إلى الله كما قال سيد الفقراء والمساكين على أمير الموحدين (ع) في بيان الحقيقة محو الموهوم وصحو المعلوم وقوله (ع) كاد الفقر ان يكون كفرا إشارة إلى أن الفقير يكاد ان يتفوه بالشطحيات التي لا تليق بمثله كما قال ابن الفارض س أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها
(٦٦)