شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٦٨
لازدياد رتبة الانسان وبركته بها ولكونها ليست من شرق عالم الأرواح المجردة ولا من غرب عالم الأجساد الكثيفة والبدن بالمشكاة هذا على اصطلاحاتهم والشيخ الرئيس في الإشارات جعل المشكاة إشارة إلى العقل الهيولاني والزجاجة إلى العقل بالملكة والمصباح إلى العقل بالفعل ونور على نور إلى العقل المستفاد والشجرة الزيتونة إلى الفكر وعدم الشرقية والغربية إلى عدم الجربزة والبلاهة والزيت إلى الحدس والنار إلى العقل الفعال إذا عرفت معنى القلب فاعلم أنه تعالى مقلب القلوب الصنوبرية من الاعتدال إلى الانحراف ومن الانحراف إلى الاعتدال والكافل بمعرفة اعتدالها وانحرافها علم الطب وفى الحديث ان في جسد ابن ادم لمضغة إذا صلحت صلح بها الجسد كله وإذا فسدت فسد بها جميع الجسد الا وهي القلب وكذا هو تعالى مقلب القلوب المعنوية من الاعتدال إلى الانحراف وبالعكس فان للانسان ثلث قوى قوة دراكة وقوة شهوية وقوة غضبية فانحراف القوة الدراكة منه إلى جانبي الافراط والتفريط يسمى جربزة وبلاهة واعتدالها حكمة وانحراف القوة الشهوية إلى طرفي الافراط والتفريط يسمى شرها وخمودا واعتدالها عفة وانحراف القوة الغضبية إلى حدى الافراط والتفريط يسمى تهورا وجبنا واعتدالها شجاعة وهذا الاعتدال هو المسمى بالعدالة وهو الصراط المستقيم الذي هو أحد من السيف وادق من الشعر والكافل بمعرفة اعتدالها وانحرافها علم الطب الروحاني الذي وضعه أطباء النفوس من العلم الإلهي وعلم الأخلاق وفى كلام أمير المؤمنين وخلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكيها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوايل عللها وإذا اعتدل مزاجها وفارق الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد ومن تقليباته تعالى القلوب ان الانسان واحد نوعا في هذا العالم كما قال تعالى انما انا بشر مثلكم وسيصير في عالم الآخرة أنواعا كثيرة كما قال ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون وقال يومئذ يصدر الناس اشتاتا ليروا أعمالهم وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى فان الانسان في هذا العالم بحكم قوله تعالى وهديناه النجدين له قابلية ان يصير ملكا وشيطانا وبهيمة وسبعا بحسب غلبة العلم بالمبدء والمعاد والعمل الصالح أو غلبة الجهل المركب والتكري والشهوة والغضب فكما ان العناصر مادة الحيوانات في هذا العالم كذلك الملكات موادها في ذلك العالم الأخر فهو تعالى مقلب القلوب إليها باعتبار ملكاتها واستعداداتها لقد صار قلبي قابلا كل صورة فمرعى لغزلان ودير الرهبان ومن تقليباته تقلبها في الخواطر النفسانية والأحاديث الخيالية التي هي يأجوج ومأجوج مفسدون في ارض القلوب لا تصلح الا بسد من عند الله فالانسان بحسب
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»