شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ١٠٣
أئمتهم عرصات القيمة واجتماع الأمم مع الأنبياء والأئمة واقتفاء كل أمة اثر نبيها وامامها وغير ذلك وإذا تذكر ذلك فليلزم قلبه التضرع والابتهال إلى الله ان يحشره في زمرة الفائزين وليكن رجاؤه أغلب فان الموقف شريف والرحمة انما تصل من حضرة الجلال إلى كافة الخلق بواسطة النفوس الكاملة من أوتاد الأرض ولا يخلو الموقف عن طايفة منهم ومن المرحومين ومن الابدال والأوتاد وطوايف من الصالحين فإذا اجتمعت هممهم طالبين للرحمة فلا تظنن انه يمنعهم عن رحمته ويلوح لك ان اجتماع الأمم بعرفات والاستظهار بمجاورة الابدال والأوتاد المجتمعين من أقطار الأرض والبلاد هو السر الأعظم من الحج فلا طريق إلى استنزال الرحمة من الله أعظم من اجتماع الهمم وسأل الصادق (ع) لم صير الموقف بالمشعر ولم يصير بالحرم فقال لان الكعبة بيت الله والحرم حجابه فلما ان قصده الزايرون وقفهم بالباب حتى اذن لهم بالدخول ثم وقفهم بالحجاب الثاني وهو مزدلفه فلما نظر إلى طول تضرعهم امرهم بتقريب قربانهم فلما قربوا قربانهم وقضوا تفثهم و تطهروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا دونه امرهم بالزيارة على الطهارة قال فقلت لم كره الصيام في أيام التشريق فقال لان القوم زوار الله وهم في ضيافته ولا ينبغي للضيف ان يصوم عند من زاره واضافه قال قلت فالرجل يتعلق بأستار الكعبة ما يعنى بذلك قال مثل الرجل يكون بينه وبين الرجل جفاية فيتعلق بثوبه ويستحذى له أي يخضع ويتذلل له رجاء ان يهب له جرمه وقريب من ذلك عن مولانا أمير المؤمنين (ع) واما الهرولة في وادى محسر فهى فرار النفوس من عيوبها واما الرمي فالجمرات الثلث هي النفوس الثلث الامارة والممولة واللوامة وهي الفحشاء والمنكر والبغي أئمة الأباطيل والفتن والقبايح اضداد الروح والعقل والنفس فإلقاء الحجارة عليها تقريع لها على أفعالها بل نفس أفعالها وعقايدها الفاسدة يضرب على رؤسها ويرد إليها فإنها كالحجارة الجامدة لا فايدة فيها فوجب على السالك طرحها ورميها على من أنشأها وجعلت اثنين وسبعين بعد والفرق فإذا شوهد دين الله الواحد طرح ما عداه أو ان المقصود من الرمي والتهرول ونحو هما محض اظهار الرقية والعبودية كما قيل إن بمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرق بخلاف ساير العبادات كالزكاة التي هي احسان مستحسن وللعقل إليه سبيل والصوم الذي هو كسر الشهوة التي هي عدو الله وتفرغ للعبادة بالكف عن الشواغل وكالركوع والسجود في الصلاة التي هي تواضع لله
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»