والشهود هو العلم والمعرفة وانما انما انه واحد لان أهل الجهل والحجاب في كثرة وتفرقة وتشتت نظر واهل العلم والمعرفة في وحدة وجمعية وتوحد عزيمة فالطهارة التي هي صفة أهل العلم والمعرفة تناسب الوحدة والنجاسة التي هي صفة أهل الجهل والحجاب تناسب الكثرة ونظير ذلك ما ورد ان المؤمن يأكل في معاء واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء فان المؤمن مشاعره كلها منطوية في مشعر واحد هو العقل المدرك للوحدة فهو يأخذ ارزاقه المعنوية في معاء واحد وإن كان ذلك المشعر الواحد منطويا فيه الف مشعر فان مشاعره الحسية عشرة فتضرب في مشاعره العشرة المثالية فيصير مأة بمعنى ان ما صرته المثالية يبصر ويسمع ويشم ويذوق ويلتمس ويحس باطنا ويتخيل ويتوهم ويحفظ ويتصرف وهكذا سامعته المثالية إلى اخر العشرة ثم يضرب المأة في العشرة العقلية يصير ألفا والكل هناك منطوية في واحد والكافر حيث لم يكن مشاعره تابعة للعقل المفطور على ادراك الوحدة يأخذ ارزاقه الحسية في الأمعاء السبعة التي هي المشاعر الخمسة الظاهرة والخيال والوهم التي هي بعدد أبواب النيران وعلى هذا فلما كان العوالم متطابقة فالمطهر في العالم الجسماني أيضا واحد هو إزالة النجاسة كما أن التوحيد اسقاط الإضافات فقول الفقهاء رضي الله عنهم المطهر عشرة أرادوا به امارات الطهارة فان قولهم استحالة العذرة ترابا أو دودا أو الكلب ملحا أو النطفة حيوانا مطهرا وانقلاب الخمر خلا مطهر ان أرادوا بالمطهر مزيل النجاسة عن نفس العذرة مثلا فهو باطل وان أرادوا مزيلها عن التراب والملح مثلا فالتراب والملح طاهران من أصلهما ولسنا نقول إنهما ليسا من موارد الطهارة وانما نقول إنهما طاهران من أول الأمر لكونهما حقيقتين اخريين وليس يصدق المطهر على الاستحالة أو الانقلاب وكذا في النقص والانتقال وغير هما والحكم بالطهارة انما هو لكون الاحكام تابعة للأسماء فما كان كلبا مثلا لم يطهر وما كان ملحا لم يكن نجسا من أول الأمر اللهم الا ان يبنى على القواعد الحكمية وثبوت المادة المشتركة الباقية في جميع الأحوال ولكن قد عرفت ان الاحكام توابع الأسماء وشيئية الأشياء بصورها وبالجملة مقصود هم التعديد والتكثير في الامارات ومرادنا التطبيق مع الحقيقة واسقاط الكثرات وإذ بلغ الكلام إلى هذا المقام فلا باس بذكر شبهة ولد الحرام ورفعها بتوفيق الملك العلام فنقول قال القدماء من الفقهاء بنجاسة ولد الزنا وكفره وكونه جهنميا وانه لا يؤمن ولو امن ظاهرا لم يؤمن باطنا فاشكل هذا على كثير من الأنام بل على كثير من الاعلام انه بظاهره لا يوافق قواعد العدلية لأنه أي جرم لهذا المسكين وبأي ذنب يبتلى بهذه البلايا الدنيوية والأخروية وما معنى مؤاخذته بسوء عمل الأخر فنقول بعد ما تقرر ان الأرواح في عالم الذرات والمهيات اللازمة للأسماء والصفات صنفان طيبات وخبيثات وهذا أمر قد فرغنا من بيانه
(٩٨)