شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ١٠٤
وللنفوس انس بتعظيم الله واما أمثال الرمي والتهرول فلا اهتداء للعقل إلى اسرارها فلا يكون في الاقدام عليها باعث غير الامر المجرد وقصد الامتثال وفيه عزل للعقل عن تصرفه وتصريف النفس والطبع عن محل انسه المعين على الفعل فان كلما أدركه العقل وعرف وجه الحكمة في فعله مال الطبع إليه ميلا ما فيكون ذلك الميل معينا للامر وباعثا على الفعل فلا يكاد يظهر كمال الرق والانقياد أقول منظور هذا القايل ان المصالح في الافعال الشرعية بعضها واضح وبعضها خفى وبعضها اخفى لا يهتدى إليها أكثر العقول والا فأوامر الحكيم ونواهيه كلها ذوات حكم ومصالح وكلمات العلماء مشحونة بذلك مثل علل فضل بن شاذان وغيره كيف وعقلية الحسن والقبح تشهد بذلك وسنبين انشاء الله تعالى وأيضا منظوره قصد القربة المحضة والاخلاص الصرف بان لا يقصد العامل إلا هو ولا يقصد لا عوضا ولا شيئا غير جنابه ويكون التقرب به داعى فعله والا فحيث لا داعى لا يتصور فعل والامتثال لأي داع والعقل يبعث عليه فكيف يكون معزولا واما ذبح الهدى فالغرض منه فصل الحيوانية عن الانسانية وقتلها اقتلوا أنفسكم ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم بان لهم الجنة كر بر سر كوهى عشق ما كشته شوى * شكرانه بده كه خوبنهاى تو منم هذا بعض اسرار الحج الذي قال بعضهم انه الرهبانية المباحة في هذه الأمة فذكر انه لا وصول إلى الله الا بتنحية ما عداه عن القصد من المشتهيات البدنية واللذات الدنيوية والتجرد في جميع الحالات والاقتصار على الضروريات ولهذا انفرد الرهبان في الاعصار السالفة عن الخلق في قلل الجبال توحشا عن الخلق وانسا بالحق واعرضوا عن جميع ما سواه ولذلك مدحهم بقوله تعالى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون فلما اندرس ذلك واقبل الخلق على اتباع الشهوات والاقبال على الدنيا والالتفات عن الله بعث نبيه محمد صلى الله عليه وآله لاحياء طريق الآخرة وتجديد سنة المرسلين فسئله أهل الملل عن الرهبانية المباحة في دينه فقال ابدلنا بها الجهاد والتكبير على كل شرف يعنى الحج انتهى يا رب الشهر الحرام وهو أربعة أشهر كما قال تعالى ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ثلثة متوالية للحج وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة وشهر مفرد للعمرة وهو رجب وقدم حرم الله القتال في الثلاثة للحج وفى رجب للاعتمار لكثرة فضيلته فيه وباطن الشهر الحرام الشهر الذي هو ميقات الوصول وقد حرم فيه القتال مع الأعداء الذين في باطن النفس لحرمة الاشتغال بالغير في ذلك الميقات كما نقل ان عارفا سئل عن عارف فيم أنت من المقامات فقال
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»