قائما بين يدي خنزير مشمرا ذيلك في خدمته ساجدا له مرة وراكعا أخرى منتظرا إشارته وامره فمهما طلب الخنزير شيئا من شهواته توجهت على الفور إلى تحصيل مطلوبه واحضار مشتهياته ولا بصرت نفسك جاثيا بين يدي كلب عقور عابدا له مطيعا لما يلتمسه مدققا للفكر في الحيل الموصلة إلى طاعته وأنت بذلك ساع فيما يرضى الشيطان ويسره فإنه هو الذي يهيج الخنزير والكلب ويبعثهما على استخدامك فأنت عن هذا الوجه عابد للشيطان وجنوده ومندرج في المخاطبين المعاتبين يوم القيمة بقوله تعالى ألم أعهد إليكم يا بنى ادم ان لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين انتهى يا عظيم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة لا تعطيل لهما عن الإفاضة ولا امساك فيهما عن الجود كما قالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ويداه أسمائه الجلالية والجمالية أو أسمائه المتقابلة كالجميل والجليل واللطيف والقهار والنافع والضار ولما كان ادم (ع) مظهر الجمال أو الجلال ومجمع الأسماء المتقابلة قال تعالى خمرت طينة ادم بيدي ووبخ إبليس بقوله تعالى ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي ولما كان جلاله كجماله مرغوبا وقهره كلطفه محبوبا عاشقم بر لطف وبر قهرش بجد ورد كلتا يدى ربى يمين يا صاحب كل نجوى قال تعالى ما يكون من نجوى ثلثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا هو معهم أينما كانوا وقال لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلثه ولم يقل ثالث اثنين إذ لم يصيروا بذلك كفارا قال صدر المتألهين س وذلك لان وحدته ليست عددية بل وحدة أخرى جامعة لجميع الآحاد ولو كانت وحدته عددية لكانت داولة في باب الاعداد فلم يكن حينئذ فرق بين ان يقال ثالث ثلثة أو ثالث اثنين ولم يكن أحد القولين كفرا دون الأخر بخلاف ما إذا كانت وحدته خارجة من باب الاعداد فكان القول ح بكونه ثالث الثلاثة أو رابع الأربعة كفرا أو ثالث الثلاثة مثلا داخل فيها ثم لما كانت وحدته نحوا اخر مغايرا لساير الوحدات فهى مع كونها مغايرة لها مجامعة لها مقومة إياها فصح انه رابع الثلاثة مثلا انتهى أقول إن شئت ان تعرف هذا فانظر إلى وجود الاعداد فان كل مرتبة منها إن كانت شيئية المهية فيها ثلثة فالوجود رابعها وإن كانت أربعة فهو خامسها وهكذا فان نفس تشيئها القوامي وتجوهرها الذاتي ثلثة أو أربعة مثلا فإذا انصبغت الثلاثة
(٩٢)