ويحتمل العطش والنصب وطول السير وشدة التعب وينقاد للصغير والكبير ويقنع شوك القتاد وكذا السالك قليل الكلام كثير الصيام لا يظهر عليه في كثرة العمل شئ من الملل إلى ساعة الاجل فلابد للسالك إلى درب الحج الاقلاع عن الذنوب والخروج عن الطباع البشرية والانفصال عن الاحكام الدنياوية والاعتبار من خلق الله والرياضة في الخلوة والانفراد وملاقاة رجال الله وزيارة اثار الأنبياء والأولياء والصالحين و تكميل العبادات المفروضة ولكل من اعمال الحج حقيقة فاما الاحرام فهو التجرد بطرح ملابس الأوهام ولبس شعار الذل وخلع الدنيا ولبس الآخرة وحل أمور كثيرة وعقد غيرها مع الله والوفا بتلك المعاهدة وليستحضر عند لبس ثوب الاحرام درجه في الكفن ويوم البعث والتسربل بأنوار الله واما التلبية فهى إجابة نداء الحق تعالى ان هلموا فمنهم من سمع وفهم وأجاب وهم أرباب الحقايق والمعارف والحكم واللطايف ومنهم من سمع ولم يفهم وهم أهل العقايد المختلفة فيمضون إلى الحج ولا يعلمون ما وراء ذلك ومنهم من فهم الخطاب بلا نداء وهم الخاصة أهل الكشف والتحقيق ومنهم من لم يسمع الندا ولم يفهم الخطاب وهم المحجوبون والجهال الذين هم عن السمع لمعزولون وكلما صعد جبلا أو نزل واديا تذكر حال الوصول فأجاب الداعي ولبى وليكن في الإجابة بين خوف ورجاء مفوضا امره إلى الله متوكلا على فضله روى أنه حج مولانا زين العابدين (ع) فلما أحرم واستوى على راحلته أصفر لونه ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع ان يلبى فقال اخشى أن يقول لا لبيك ولا سعديك فلما لبى غشى عليه وسقط عن راحلته فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه أيقظنا الله تعالى عن رقدة الغفلات فان الامر عظيم والخطب جسيم وليتذكر عند إجابة نداء الله سبحانه إجابة ندائه بالنفخ في الصور وحشر الخلايق من القبور وازدحامهم في عرصات القيمة مجيبين ندائه منقسمين إلى مقربين وممقوتين ومقبولين ومرددين في أوائل الامر بين الخوف والرجا تردد الحاج في الميقات حيث لا يدرون أيتيسر لهم اتمام الحج وقبوله أم لا واما ترك الصيد فلانه ميت والميت لا حراك له وعروض الصيد له هي الخواطر المعترضة فلا يعتنى بها حتى يتخلص منها فان صاد كان حيا فاحتاج إلى القرابين وان عبث كان ضعيفا في المراقبة مع الله والحضور بين يديه واما دخول مكة فهو الدخول إلى ملكوت السماوات والاتصال بالعوالم العقلية التي هي السرادقات الجلالية النورية وليستحضر في قلبه انه قد انتهى إلى حرم الله وله ح أمان بدخوله من عقاب الله ومن دخله كان أمنا وليخش ان لا يكون من أهل القرب وليكن رجاؤه أغلب فان الرحمة واسعة وليتذكر
(١٠١)