ان هذا الحرم مثال للحرم الحقيقي وانه يرزقه الله تعالى الدخول في ذلك الحرم والنظر إلى وجهه الكريم ومشاهدة الملائكة المقربين فدخول مكة إشارة إلى معرفة الانسان نفسه فمن وصل إلى مكة ينبغي ان يصل إلى معرفة نفسه وعند الوصول والتعريف يقطع التلبية مراعاة للأدب والاحترام ويستعمل هناك السكينة والوقار الا بذكر الله تطمئن القلوب واما الطواف فهو في الحقيقة طواف القلب بالحضرة الربوبية شد عيد قربان جان من برخيز وكن قربانيم * بر كرد سركردان مرا تا چند سر كردانيم وفى استدارته إشارة إلى أن السير في الله لا نهاية له حيث إن المستدير لا بداية له ولا نهاية وكونه سبعة باعتبار المراتب السبع من الطبع والنفس والقلب والروح والسر والخفى والأخفى وفيه تشبه بالسموات السبع وليستحضر به التشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش والى هذه الموازنة وقعت الإشارة في الاخبار ان البيت المعمور في السماء بإزاء الكعبة وان طواف الملائكة به كطواف الانس بهذا البيت ولما قصرت مرتبة أكثر الخلق عن نيل ذلك الطواف امروا بالتشبه لعلهم يصيروا في قوة المشبه به والذي يبلغ تلك المرتبة فهو الذي يقال إن الكعبة يزوره ويطوف به كما رآه بعض المكاشفين لبعض أولياء الله واما استلام الحجر فليستحضر بقلبه انه مبايع لله على طاعته مصمم عزيمته على الوفا ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسوف يؤتيه اجرا عظيما ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها خلقه كما يصافح الرجل أخاه ولذلك يقول الانسان عند استلامه كما في المأثور أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي عند ربك بالموافاة يوم القيمة وفى كينونة أصله انه ما كان اخبار كثيرة من شاء الاطلاع فليرجع إلى كتب الاخبار والصافي واما السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت فهو مثال تردد العبد بفناء دار الملك جائيا وذاهبا مرة بعد أخرى اظهار اللخلوص في الخدمة ورجاء لملاحظته بعين الرحمة والعناية كالذي دخل على الملك وخرج وهو لا يدرى ما الذي يقضى الملك في حقه من قبول أو رد فيكون تردد رجاء ان يرحمه في الثانية ان لم يكن رحمه في الأولى وليتذكر عند تردده بين الصفا والمروة تردد بنى كفتى الميزان في عرصة القيمة وليمثل الصفا بكفة الحسنات والمروة بكفة السيئات وليتذكر تردد بين الكفتين ملاحظا للرجحان والنقصان مترددا بين العذاب والغفران واما الوقوف بعرفه فليتذكر بما يرى من ازدحام الناس وارتفاع الأصوات واختلاف اللغات واتباع الفرق
(١٠٢)