التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٧ - الصفحة ٣٣٦
هو؟ قال: دعوني أفكر فيه، فلما كان من الغد، قالوا له: يا أبا عبد شمس ما تقول فيما قلناه؟ قال:
قولوا: هو سحر، فإنه أخذ بقلوب الناس، فأنزل الله عز وجل على رسوله (صلى الله عليه وآله) في ذلك: " ذرني ومن خلقت وحيدا " (1) وإنما سمي وحيدا لأنه قال لقريش: أنا أتوحد بكسوة البيت سنة، وعليكم في جماعتكم سنة، وكان له مال كثير وحدائق، وكان له عشر بنين بمكة، وكان له عشر عبيد عند كل ألف دينار يتجر بها (2).
وفي الجوامع: روي أن الوليد قال لبني مخزوم: والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة (3)، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق (4)، وإنه يعلو وما يعلى، فقالت قريش: صبا والله وليد، ليصبأن قريش، فقال أبو جهل: إني أكفيكموه، وقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه، فقام فأتاهم فقال: تزعمون أن محمدا (صلى الله عليه وآله) مجنون، فهل رأيتموه يخنق؟ وتقولون: إنه كاهن، فهل رأيتموه يتحدث بما يتحدث به الكهنة؟ وتزعمون: أنه شاعر، فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط؟ وتزعمون: أنه كذاب، فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ فقالوا في كل ذلك اللهم لا، قالوا له: فما هو؟ ففكر فقال: ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله، وولده ومواليه، وما يقوله: " سحر يؤثر " (5) عن أهل بابل فتفرقوا متعجبين منه (6).
وفي رواية أخرى للقمي عن الصادق (عليه السلام): إنها نزلت في عمر (7). في إنكاره الولاية، وأنه إنما سمي وحيدا: لأنه كان ولد زنا، ثم أول الآيات فيه (8).

١ - المدثر: ١١.
٢ - تفسير القمي: ج ٢، ص ٣٩٣ - ٣٩٤. وفي نهايته: " عند كل عبد ألف دينار ".
٣ - الطلاوة - مثلثة -: الحسن والبهجة. مجمع البحرين: ج ١، ص ٢٧٧، مادة " طلا ".
٤ - الغدق - بالتحريك -: ماء الكثير القطر. يقال: أغدق المطر يغدق إغداقا فهو مغدق. والغدق - بفتح الدال -:
المطر الكبائر القطر. مجمع البحرين: ج ٥، ص ٢٢١، مادة " غدق ".
٥ - المدثر: ٢٤.
٦ - جوامع الجامع: ص ٥١٧ - ٥١٨، الطبعة الحجرية.
٧ - تفسير القمي: ج ٢، ص 395، س 4.
8 - أي أن القمي (رحمه الله) قد أول الآيات اللاحقة لهذه الآية بحق عمر.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»