التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٧ - الصفحة ٣٣٥
مجربا من دهاة العرب، وكان من المستهزئين برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقعد في الحجرة ويقرأ القرآن، فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة، فقالوا: يا عبد شمس ما هذا الذي يقول محمد (صلى الله عليه وآله)؟ أشعر هو أم كهانة أم خطب؟ فقال: دعوني أسمع كلامه، فدنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد أنشدني من شعرك، قال: ما هو شعر، ولكنه كلام الله الذي ارتضته ملائكته وأنبيائه ورسله، فقال: أتل علي منه شيئا، فقرأ عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حم السجدة (1)، فلما بلغ قوله: " فإن أعرضوا " يا محمد قريش (2)، فقل لهم: " أنذرتكم صعقة مثل صعقة عاد وثمود " (3) قال: فاقشعر (4) الوليد، وقامت كل شعرة في رأسه ولحيته، ومر إلى بيته، ولم يرجع إلى قريش من ذلك، فمشوا إلى أبي جهل فقالوا: يا أبا الحكم إن أبا عبد شمس صبا (5) إلى دين محمد، أما تراه لم يرجع إلينا، فغدا أبو جهل إلى الوليد، فقال له: يا عم نكست رؤوسنا وفضحتنا، وأشمت بنا عدونا وصبوت إلى دين محمد (صلى الله عليه وآله)، فقال: ما صبوت إلى دينه ولكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، فقال له أبو جهل: أخطب هو؟ قال: لا، إن الخطب كلام متصل، وهذا كلام منثور، ولا يشبه بعضه بعضا، قال: أفشعر هو؟ قال: لا، أما إني لقد سمعت أشعار العرب بسيطها (6)، ومد يدها (7)، ورملها (8)، ورجزها (9)، وما هو بشعر، قال: فما

١ - أي سورة فصلت.
٢ - هكذا في الأصل، وفي المصدر: " أعني قريشا ".
٣ - فصلت: ١٣.
٤ - تقشعر منه: أي تنقبض منه، يقال: اقشعر جلد فلان: إذا أخذته. مجمع البحرين: ج ٣، ص ٤٥٨، مادة " قشعر ".
٥ - صبا فلان: أي خرج من دينه إلى دين آخر. مجمع البحرين: ج ١، ص ٢٥٩، مادة " صبا ".
٦ - البسيط: جنس من العروض، سمي به لانبساط أسبابه، قال أبو إسحاق: انبسطت فيه الأسباب فصار أوله مستفعلن فيه سببان متصلان في أوله. لسان العرب: ج ١، ص ٤٠٩، مادة " بسط ".
٧ - المديد: ضرب من العروض، سمي بذلك لامتداد أسبابه وأوتاده، قال أبو إسحاق: سمي مديدا لأنه امتد سبباه فصار سبب في أوله وسبب بعد الوتد. لسان العرب: ج ١٣، ص ٥٠، مادة " مدد ".
٨ - الرمل: ضرب من عروض يجيئ على فاعلاتن فاعلاتن، وقال ابن سيده: الرمل من الشعر: كل شعر مهزول غير مؤتلف البناء، وهو مما تسمي العرب من غير أن يحدوا في ذلك شيئا. لسان العرب: ج ٥، ص ٣٢١، مادة " رمل ".
٩ - الرجز: شعر ابتداء أجزائه سببان ثم وتد، وهو وزن يسهل في السمع، ويقع في النفس، ولذلك جاز أن يقع فيه المشطور، وهو الذي ذهب شطره، والمنهوك، وهو الذي قد ذهب منه أربعة أجزائه وبقي جزآن. لسان العرب:
ج ٥
، ص 144، مادة " رجز ".
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»