أخطب إلى قريش فأخبرهم فلما قال يسألون الرهن قال أبو سفيان هذا والله أول الغدر قد صدق نعيم بن مسعود لا حاجة لنا في إخوان القردة والخنازير فلما طال على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الأمر واشتد عليهم الحصار وكانوا في برد شديد وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا وتكلم المنافقون بما حكى الله عز وجل عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلا نافق إلا القليل وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبر أصحابه أن العرب تتحزب علي ويجيئوننا من فوق وتغدر اليهود وتخافهم من أسفل وأنه يصيبهم جهد شديد ولكن يكون العاقبة لي عليهم فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا يا رسول الله تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا فإنها في أطراف المدينة وهي عورة ونخاف اليهود أن يغيروا عليها وقال قوم هلموا فنهرب ونصير في البادية ونستجير بالأعراب فإن الذي كان يعدنا محمد صلى الله عليه وآله كان باطلا كله ورسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل وكان أمير المؤمنين عليه السلام على العسكر كله بالليل يحرسهم فإن تحرك أحد من قريش نابذهم وكان أمير المؤمنين عليه السلام يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم فلا يزال الليل كله قائما وحده يصلي فإذا أصبح رجع إلى مركزه ومسجد أمير المؤمنين عليه السلام هناك معروف يأتيه من يعرفه فيصلي فيه وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة النشاب فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أصحابه الجزع لطول الحصار صعد إلى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم فدعا الله عز وجل وناجاه فيما وعده وكان مما دعاه أن قال يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا كاشف الكرب العظيم أنت مولاي ووليي وولي آبائي الأولين إكشف عنا غمنا وهمنا وكربنا واصرف عنا شر هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك فنزل جبرئيل فقال يا محمد إن الله عز وجل قد سمع مقالتك وأجاب دعوتك وأمر الدبور وهي الريح مع الملائكة أن تهزم قريشا والأحزاب وبعث الله عز وجل على قريش الدبور فانهزموا وقلعت أخبيتهم ونزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبره بذلك فنادى رسول الله صلى الله عليه وآله حذيفة
(١٧٨)