(84) قال هم أولاء على أثرى ما تقدمتهم إلا بخطى يسيرة لا يعتد بها عادة وعجلت إليك رب لترضى فإن المسارعة إلى امتثال أمرك والوفاء بعهدك توجب مرضاتك.
في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام قال المشتاق لا يشتهي طعاما ولا يلتذ شرابا ولا يستطيب رقادا ولا يأنس حميما ولا يأوى دارا ولا يسكن عمرانا ولا يلبس لباسا ولا يقر قرارا ويعبد الله ليلا ونهارا راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه ويناجيه بلسان شوقه معبرا عما في سريرته كما أخبر الله عن موسى بن عمران عليه السلام في ميعاد ربه بقول وعجلت إليك رب لترضى وفسر النبي صلى الله عليه وآله عن حاله أنه ما أكل ولا شرب ولا نام ولا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه أربعين يوما شوقا إلى ربه.
(85) قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك ابتليناهم بعبادة العجل بعد خروجك من بينهم وأضلهم السامري باتخاذ العجل والدعاء إلى عبادته.
(86) فرجع موسى إلى قومه بعد ما استوفي الأربعين وأخذ التوراة غضبان عليهم آسفا حزينا بما فعلوه قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا بأن يعطيكم التوراة فيها هدى ونور أفطال عليكم العهد أي الزمان زمان مفارقته لهم أم أردتم أن يحل عليكم يجب عليكم غضب من ربكم بعبادة ما هو مثل في الغباوة فأخلفتم موعدي وعدكم إياي بالثبات على الأيمان بالله والهدى والقيام على ما أمرتكم به.
(87) قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا بأن ملكنا أمرنا أي لو خلينا وأمرنا ولم يسول لنا السامري لما أخلفنا وهو مثلثا مصدر ملكت الشئ وقرئ بالفتح وبالضم ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم أحمالا من حلي القبط التي استعرناها منهم أو ألقاها البحر على الساحل بعد إغراقهم وقرئ حملنا بالفتح والتخفيف فقذفناها أي في النار فكذلك ألقى السامري أي ما كان معه منها.
(88) فأخرج لهم عجلا جسدا من تلك الحلي المذابة له خوار صوت العجل فقالوا يعني السامري ومن افتتن به أول ما رآه هذا إلهكم وإله موسى فنسي قيل فنسيه موسى وذهب يطلبه عند الطور أو فنسي السامري أي ترك ما كان عليه من إظهار الأيمان.