التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
(69) وما على الذين يتقون: وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم. من حسابهم من شئ مما يحاسبون عليه من قبائح أعمالهم وأقواهم ولكن ذكرى ولكن عليهم ذكرى أو عليهم أن يذكروهم ذكرى ويمنعوهم عن الخوض وغيره من القبائح ويظهروا كراهتها لعلهم يتقون: يجتنبون ذلك حبا أو كراهة لمسائتهم.
في المجمع عن الباقر عليه السلام لما نزل (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) قال المسلمون كيف نصنع إن كان كلما استهزأ المشركون قمنا وتركناهم فلا ندخل إذا المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت الحرام فأنزل الله: (وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ) أمر بتذكيرهم وتبصيرهم ما استطاعوا.
(70) وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا: حيث سخروا به واستهزؤا منه وبنوا أمر دينهم على التشهي أو جعلوا عيدهم الذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو.
والمعنى أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم وغرتهم الحياة الدنيا فألهتهم عن العقبى وذكر به أي بالقرآن. أن تبسل نفس بما كسبت: مخافة أن تسلم إلى الهلاك وترتهن بسوء عملها، وأصل البسل: المنع. ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع: يدفع عنها العذاب. وإن تعدل كل عدل: وإن تفد كل فداء، والعدل: الفدية لأنها تعادل المفدى، أريد به هيهنا الفداء. لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا: أي سلموا إلى العذاب بسبب أعمالهم القبيحة، وعقائدهم الزايفة لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون: تأكيد، وتفصيل لذلك، والمعنى هم بين ماء مغلي يتجرجر في بطونهم، ونار تشتعل بأبدانهم بسبب كفرهم.
(71) قل أندعوا: نعبد. من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا: لا يقدر على نفعنا وضرنا. ونرد على أعقابنا: ونرجع عن دين الإسلام إلى الشرك. بعد إذ هدينا الله كالذي استهوته الشياطين: كالذي ذهبت به مردة الجن في المهامة (1) من هوى إذا ذهب،

1 - المهامة اما من الهومة بمعنى الفلاة ولذا يلقب الأسد بالهوام لاتخاذه المسكن في الهومة فيكون الهومة والمهامة بمعنى أو يأتي من الهيماء بمعنى المفازة بلا ماء.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست