الوجه الثاني يتعلق باعبدوا ويراد بالتقوى الحذر، نبه (عليه السلام) بقوله: لها وجهان على أن القرآن ذو وجوه وان حمله على الجمع صحيح ويأتي نظائره في كلامهم (عليهم السلام) وكون الكلام ذا وجوه مما يزيد في بلاغته ولطافته.
(22) الذي جعل لكم الأرض فراشا جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم مطاوعة لحرثكم ودفن موتاكم لم يجعلها شديدة الحمى والحرارة فتحرقكم ولا شديدة البرودة فتجمد كم ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم ولا شديدة النتن فتعطبكم ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في حرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم ولكنه جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم وجعل فيها من اللين ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم والسماء بناء سقفا من فوقكم محفوظا يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم وأنزل من السماء ماء: يعني المطر ينزله من على ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم (1) وأوهادكم ثم فرقه رذاذا ووابلا وهطلا وطلا لتنشفه أرضوكم ولم يجعل نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (ينزل مع كل قطرة ملك يضعها في موضعها الذي أمره به ربه عز وجل) فأخرج به من الثمرات رزقا لكم.
أقول: لمطعمكم ومشربكم وملبسكم وسائر منافعكم فلا تجعلوا لله أندادا أشباها وأمثالا من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على شئ وأنتم تعلمون (2) أنها لا تقدر على شئ من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم.
(23) وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا: حتى تجحدوا أن يكون محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن يكون هذا المنزل عليه كلامي مع إظهاري عليه