مظهريته لأسماء الله الحسنى كلها وبلوغه مرتبة أحدية الجمع التي فاق بها سائر أنواع الموجودات ورجوعه إلى مقامه الأصلي الذي جاء منه وصار منتخبا لكتاب الله الكبير الذي هو العالم الأكبر كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وفيك انطوى العالم الأكبر.
ان قلت: ما نفقه كثيرا مما تقول فهب أن المراد بالأسماء الحقائق فأي مناسبة بين تعليم آدم أسماء المخلوقات وبين خلقه مختلف القوى والأجزاء والهامة معرفة ذوات الأشياء والتمييز بين الأولياء والأعداء فهل لك من تبيان أو تستطيع الإتيان فيه بسلطان على أن ينحل به هذا اللغز والمعمى أو ينجلي به عن البصائر العمة والعمى.
قلت: لعلك نسيت ما حققناه في المقدمة الرابعة في معنى المتشابه وتأويله أو لم تستطع إجراءه فيما نحن بسبيله فلنورد ذلك لك بتقرير آخر يكون أظهر لك فيما نحن فيه مما قررناه هناك.
فنقول: وبالله التوفيق ان الاسم ما يدل على المسمى ويكون علامة لفهمه فمنه ما يعتبر فيه صفة تكون في المسمى وبذلك الاعتبار يطلق عليه ومنه ما لا يعتبر فيه ذلك فالأول يدل على الذات الموصوفة بصفة معينة كلفظ الرحمن فإنه يدل على ذات متصفة بالرحمة ولفظ القهار فإنه يدل على ذات لها القهر إلى غير ذلك، وقد يطلق الاسم بهذا المعنى على مظاهر صفة الذات باعتبار اتصافه بالصفة كالنبي الذي هو مظهر هداية الله سبحانه فإنه اسم الله الهادي لعباده والأسماء الملفوظة بهذا الاعتبار هي أسماء الأسماء.
وسئل مولانا الرضا (عليه السلام) عن الاسم ما هو؟ قال: صفة لموصوف وهذا اللفظ يحتمل المعنيين اللفظ والمظهر وإن كان في المظهر اظهر وقد يطلق الاسم على ما يفهم من اللفظ أي المعنى الذهني، وعليه ورد قول الصادق (عليه السلام): من عبد الله بالتوهم فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق