ويجحدون الحق فيها يبطل عليهم سائر ما عملوه من الأشياء التي يعرفونها فان من جحد حقا أداه ذلك إلى أن يجحد كل حق فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره كلما أضاء لهم ظهر لهم ما اعتقدوه انه الحجة مشوا فيه وهؤلاء المنافقون إذا رأوا ما يحبون في دنياهم فرحوا ببيعتهم ويتمنوا باظهار طاعتهم وإذا أظلم عليهم قاموا وقفوا وتحيروا وهؤلاء المنافقين إذا رأوا في دنياهم ما يكرهون وقفوا وتشاءموا ببيعتهم التي بايعوها قيل : مثل اهتزازهم لما يلمع لهم من رشد يدركونه أو رفد يتطلع إليه أبصارهم بمشيهم في مطرح ضوء البرق كلما أضاء لهم وتحيرهم وتوقفهم في الأمر حين تعرض لهم شبهة أو تعن لهم مصيبة بتوقفهم إذا أظلم عليهم [وإنما قال: مع الا ظلام إذا] لأنهم حراص على المشي كلما صادفوا منه فرصة انتهزوها ولا كذلك التوقف ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم أنت وأصحابك فتوجب قتلهم إن الله على كل شئ قدير لا يعجزه شئ.
(21) يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون: قيل لما عدد فرق المكلفين وذكر خواصهم ومصارف أمورهم أقبل عليهم بالخطاب على سبيل الالتفات هزا للسامع وتنشيطا له واهتماما بأمر العبادة وتفخيما لشأنها وجبرا لكلفة العبادة واهتماما بلذة المخاطبة.
وفي تفسير الإمام (عليه السلام) لها وجهان أحدهما خلقكم وخلق الذين من قبلكم لتتقوا كما قال: * (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) * والوجه الآخر * (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم) * أي اعبدوه لعلكم تتقون النار ولعل (1) من الله واجب لأنه أكرم من أن يعني عبده بلا منفعة ويطمعه في فضله ثم يخيبه.
أقول: لعلكم على الوجه الأول يتعلق بخلقكم ويراد بالتقوى العبادة وعلى