التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٩
(ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصرهم) قال: " حتى لا يتهيأ لهم الاحتراز من أن تقف على كفرهم أنت وأصحابك، فتوجب قتلهم " (1). (إن الله على كل شئ قدير) : لا يعجزه شئ.
(يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) قال: " لها وجهان: أحدهما: خلقكم وخلق الذين من قبلكم لتتقوه، كما قال:
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " (2). والآخر: اعبدوه لعلكم تتقون النار.
و " لعل " من الله واجب، لأنه أكرم من أن يعني (3) عبده بلا منفعة ويطمعه في فضله ثم يخيبه " (4).
(الذي جعل لكم الأرض فرشا) قال: " جعلها ملائمة لطبايعكم، موافقة لأجسادكم، مطاوعة لحرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم، لم يجعلها شديدة الحرارة فتحرقكم، ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم (5)، ولا شديدة النتن فتعطبكم، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في حرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم، ولكنه جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به في كثير من منافعكم " (6). (والسماء بناء) قال: " سقفا من فوقكم محفوظا، يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم " (7).
(وأنزل من السماء ماء) قال: " يعني: المطر، ينزله من العلا ليبلغ قلل

١ - تفسير الإمام عليه السلام: ١٣٣ - ١٣٤.
٢ - الذاريات (٥١): ٥٦.
٣ - بالنون على بناء التفعيل، أي: يكلفه ما يشق عليه، وفي بعض النسخ " يعيي " - بالياء - من قولهم:
أعيى السير البعير أي: أتبعه وأكله. والأول أظهر.
٤ - تفسير الإمام عليه السلام: ١٤٠ - ١٤٢. و " لعلكم " على المعنى الأول متعلق ب‍ " خلقكم "، والتقوى بمعنى العبادة. وعلى الثاني متعلق ب‍ " اعبدوا "، والتقوى بمعنى الحذر. " منه في الصافي ١: ٨٧ ".
٥ - الهامة: الرأس. الصحاح ٥: ٢٠٦٣ (هيم).
6 - تفسير الإمام عليه السلام: 142، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 137، الباب: 11، الحديث: 36.
7 - تفسير الإمام عليه السلام: 142، وعيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 137، الباب: 11، الحديث: 36.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست